الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الرخصة الرابعة الجمع بين الظهر والعصر في وقتيهما وبين المغرب والعشاء في وقتيهما فذلك أيضا جائز في كل سفر طويل مباح ، وفي جوازه في السفر القصير قولان .

ثم إن قدم العصر إلى الظهر فلينو الجمع بين الظهر والعصر في وقتيهما قبل الفراغ من الظهر وليؤذن للظهر وليقم وعند الفراغ يقيم للعصر ويجدد التيمم أولا إن كان فرضه التيمم ولا يفرق بينهما بأكثر من تيمم وإقامة فإن قدم العصر لم يجز .

التالي السابق


(الرخصة الرابعة الجمع) بين الصلاتين

يجوز الجمع (بين الظهر والعصر في وقتيهما وبين المغرب والعشاء في وقتيهما) تقديما في وقت الأولى وتأخيرا في وقت الثانية، (فذلك أيضا جائز في كل سفر طويل مباح، وفي جوازه في السفر القصير قولان) ، وفي نسخة: قول، وسيأتي بيانه، والأفضل للسائر في وقت الأولى أن يؤخرها إلى الثانية وللنازل في وقتها تقديم الثانية، وفهم من قوله مباح أنه لا يجوز الجمع في سفر المعصية، وفهم من سياق المصنف أنه لا يجوز جمع الصبح إلى غيرها ولا العصر إلى المغرب، وأما الحجاج من أهل الآفاق فيجمعون بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر وبين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء، وذلك الجمع بسبب السفر على المذهب الصحيح. وقيل: بسبب النسك كما ذهب إليه أبو حنيفة -رحمه الله- فإن قلنا بالأول ففي جمع المكي القولان; لأن سفره قصير ولا يجمع العرفي بعرفة ولا المزدلفي بمزدلفة; لأنه وطنه وهل يجمع كل واحد منهما بالبقعة الأخرى فيه القولان كالمكي، وإن قلنا بالثاني جاز الجمع لجميعهم، ومن الأصحاب من يقول في جمع المكي قولان الجديد منعه والقديم جوازه، وعلى القديم في العرفي والمزدلفي وجهان المذهب منع جمعهم على الإطلاق وحكم جمعهم في البقعتين حكمه في سائر الأسفار ويتخير في التقديم والتأخير، والاختيار التقديم بعرفة والتأخير بمزدلفة (ثم إن) جمع المسافر في وقت الأولى بأن (قدم العصر إلى الظهر) اشترط ثلاثة أمور: الأولى: نية [ ص: 433 ] الجمع وإليه أشار بقوله: (فلينو الجمع بين الظهر والعصر في وقتيهما) والمذهب أنها تشترط وستقف على تفصيله قريبا وذلك (قبل الفراغ من الظهر وليؤذن للظهر وليقم) له، (وعند الفراغ) منه (يقيم للعصر) بلا تخلل بينهما أشار بذلك إلى الترتيب، وهو الشرط الثاني فيبدأ بالظهر ثم يتبعه بالعصر (ويجدد التيمم أولا إن كان فرضه التيمم ولا يفرق بينهما بأكثر من تيمم وإقامة) أي: يجوز الفصل الطويل ولا يضر اليسير، قال الصيدلاني نقلا عن الأصحاب: حد اليسير قدر الإقامة، والأصح ما قاله العراقيون أن الرجوع في الفصل إلى العادة، وقد تقتضي الإعادة احتمال زيادة على قدر الإقامة يدل عليه أن جمهور الأصحاب جوزوا الجمع بين الصلاتين بالتيمم، وقالوا: لا يضر الفصل بينهما بالطلب والتيمم لكن يخفف الطلب، ومنع أبو إسحاق المروزي جمع التيمم للفصل بالطلب .

(فإن قدم العصر لم يجز) ويجب إعادتها بعد الأولى ولو بدأ بالأولى ثم صلى الثانية فبان فساد الأولى فالثانية فاسدة أيضا، ثم إن النية يكفي حصولها عند الإحرام بالأولى أو في أثنائهما أو مع التحلل منها، ولا يكفي بعد التحلل، وفي قول: إنها تشترط عند الإحرام بالأولى، وفي وجه: إنها تجوز في أثنائها ولا تجوز مع التحلل .




الخدمات العلمية