الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وعدد الأيام الثلاثة محسوب من وقت حدثه بعد المسح على الخف فلو لبس الخف في الحضر ومسح في الحضر ، ثم خرج وأحدث في السفر وقت الزوال مثلا مسح ثلاثة أيام ولياليهن من وقت الزوال إلى الزوال من اليوم الرابع ، فإذا زالت الشمس من اليوم الرابع لم يكن له أن يصلي إلا بعد غسل الرجلين ، فيغسل رجليه ويعيد لبس الخف ويراعي وقت الحدث ويستأنف الحساب من وقت الحدث .

; ولو أحدث بعد لبس الخف في الحضر ثم خرج بعد الحدث فله أن يمسح ثلاثة أيام ; لأن العادة قد تقتضي اللبس قبل الخروج ثم لا يمكن الاحتراز من الحدث .

فأما إذا مسح في الحضر ثم سافر اقتصر على مدة المقيمين .

التالي السابق


(وعدد الأيام الثلاثة محسوب من وقت حدثه بعد المسح على الخف) لا من وقت المسح، وبه قال أبو حنيفة ومالك ورواية عن أحمد; لأن ما قبل ذلك طهارة الوضوء ولا تقدير فيها، إنما التقدير في التحقيق تقدير منعه شرعا، وإنما منع من وقت الحدث، وفي رواية عن أحمد أنها من وقت المسح، (ولو لبس الخف في الحضر ومسح في الحضر، ثم خرج وأحدث في السفر وقت الزوال مثلا مسح ثلاثة أيام ولياليهن من وقت الزوال من اليوم الرابع، فإذا زالت الشمس من اليوم الرابع لم يكن له أن يصلي إلا بعد غسل الرجلين، فيغسل رجليه ويعيد لبس الخف ويراعي وقت الحدث ويستأنف الحساب من وقت الحدث; ولو أحدث بعد لبس الخف في الحضر ثم خرج بعد الحدث فله أن يمسح ثلاثة أيام; لأن العادة قد تقتضي اللبس قبل الخروج ثم لا يمكن الاحتراز من الحدث، فأما إذا مسح في الحضر ثم سافر اقتضى على مدة المقيمين) قال الرافعي: إذا لبس الخف في الحضر ثم سافر مسح في السفر سواء كان محدثا في الحضر أم لا وسواء سافر بعد الحدث وخروج وقت الصلاة أم لا، وقال المزني: إن أحدث في الحضر مسح مسح مقيم، وقال أبو إسحاق المروزي: إن خرج الوقت في الحضر ولم يصل ثم سافر مسح مسح مقيم، أما إذا مسح في الحضر ثم سافر فتيمم مسح مسح مقيم والاعتبار بالمسح بتمامه، فلو مسح أحد الخفين في الحضر ثم سافر ومسح الآخر في السفر فله مسح مسافر .

قال النووي: هذا الذي جزم به الرافعي في مسألة المسح على أحد الخفين هو الذي ذكره القاضي حسين وصاحب التهذيب لكن الصحيح المختار ما جزم به صاحب التتمة واختاره الشاشي أنه يمسح مسح مقيم لتلبسه بالعادة في الحضر، والله أعلم .



وهنا مسائل ينبغي التنبيه عليها .

منها: أن الخف المسروق والمغصوب وخف الذهب أو الفضة يصح المسح عليه على الأصح، والخف من جلد كلب أو ميتة قبل الدباغ لا يجوز المسح عليه مطلقا لا لمس مصحف ولا غيره، ولو وجدت في الخف شرائطه إلا أنه لا يمنع نفوذ الماء لم يجز المسح عليه على الأصح واختار إمام الحرمين والمصنف الجواز .

ومنها: لو لبس واسع الرأس يرى من رأسه القدم جاز المسح عليه على الصحيح ويجور على خف زجاج قطعا إذا أمكن متابعة المشي عليه .

ومنها: أنه لا يتعين اليد للمسح، بل يجوز بخرقة وخشبة وغيرهما ولو وضع يده المبتلة ولم يرهما أو قطر الماء عليه أجزأه على الصحيح .

ومنها: أن أكثر ما يمكن المقيم أن يصلي من الفرائض المؤداة ست صلوات إن لم يجمع، فإن جمع لمطر فسبع والمسافر ست عشرة وبالجمع سبع عشرة، وأما المقضيات فلا تنحصر .

ومنها: أن المسافر إنما يمسح ثلاثة أيام إذا كان سفره طويلا وغير معصية، فإن قصر سفره مسح يوما وليلة وإن كان معصية مسح يوما وليلة على الأصح، وعلى الثاني لا يمسح شيئا ويجري الوجهان في العاصي بالإقامة كالعبد المأمور إذا أقام .

ومنها: ما لو خرج الخف عن صلاحيته لضعفه أو تخرقه أو غير ذلك فهو كنزعه .

ومنها: لو انقضت المدة أو ظهرت الرجل وهو في صلاة بطلت، فلو لم يبق من المدة إلا ما يسع ركعة فافتتح ركعتين فهل يصح الافتتاح وتبطل صلاته عند انقضاء المدة أم لا تنعقد؟ وجهان في البحر: أصحهما الانعقاد وفائدتهما أنه لو اقتدى به إنسان عالم بحاله ثم فارقه عند انقضاء المدة هل تصح صلاته أم لا تنعقد؟ فيه الوجهان وفيما أراد الاقتصار على ركعة .

ومنها: إن لزم الماسح غسل جنابة أو حيض أو نفاس يجب استئناف اللبس بعده ومنها: إذا تنجست رجله في الخف ولم يمكن غسلها فيه وجب النزع لغسلها، فإن أمكن غسلها فيه فغسلها لم يبطل المسح .

ومنها: سليم الرجلين إذا لبس في إحداهما لا يصح مسحه [ ص: 423 ] فلو لم يكن له الأرجل جاز المسح على خفها ولو بقيت من الرجل الأخرى بقية لم يجز المسح حتى يواريها بما يجوز المسح عليه، ولو كانت إحدى رجليه عليلة بحيث لا يجب غسلها فلبس الخف في الصحيحة قطع الدارمي بصحة المسح عليه، وصاحب البيان بالمنع، وهو الأصح; لأنه يجب التيمم عن الرجل العليلة فهي كالصحيحة. والله أعلم .




الخدمات العلمية