وجملة ولا يطيل معه الكلام ، ولا يكثر عن حاله السؤال ، ويعوده في المرض ، ويعزيه في المصيبة ، ويقوم معه في العزاء ، ويهنئه في الفرح ، ويظهر الشركة في السرور معه ، ويصفح عن زلاته ولا يتطلع من السطح إلى عوراته ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره ولا في مصب الماء في ميزابه ، ولا في مطرح التراب في فنائه ولا يضيق طرقه إلى الدار ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره ، ويستر ما ينكشف له من عوراته وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ولا يسمع عليه كلاما ويغض بصره عن حرمته ولا يديم النظر إلى خادمته ويتلطف بولده في كلمته ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه . حق الجار أن يبدأه بالسلام ،
هذا إلى جملة الحقوق التي ذكرناها لعامة المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وإن استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فأهد له ، فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ثم قال أتدرون ما حق الجار ؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله .
. هكذا رواه عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عمرو بن شعيب مجاهد وغلام له يسلخ شاة ، فقال : يا غلام ، إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي ، حتى قال ذلك مرارا ، فقال له كم : تقول هذا ؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه عبد الله بن عمر . كنت عند
وقال هشام كان الحسن لا يرى بأسا أن تطعم الجار اليهودي والنصراني من أضحيتك وقال رضي الله عنه . أبو ذر
. أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم وقال : إذا طبخت قدرا فأكثر ماءها ثم انظر بعض أهل بيت في جيرانك فاغرف لهم منها
وقالت رضي الله عنها : قلت يا رسول الله : إن لي جارين أحدهما مقبل على بابه والآخر ناء ببابه عني وربما كان الذي عندي لا يسعهما فأيهما أعظم حقا ؟ فقال : المقبل عليك ببابه . عائشة
ورأى الصديق ولده عبد الرحمن وهو يناصي جارا له ، فقال : لا تناص جارك فإن هذا يبقى والناس يذهبون .
وقال الحسن بن عيسى النيسابوري سألت فقلت : الرجل المجاور يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمرا والغلام ينكره فأكره أن أضربه ولعله بريء وأكره أن أدعه فيجد علي جاري فكيف أصنع قال ؟ : إن غلامك لعله أن يحدث حدثا يستوجب فيه الأدب فاحفظه عليه فإذا شكاه جارك فأدبه على ذلك الحدث فتكون قد أرضيت جارك وأدبته على ذلك الحدث ، وهذا تلطف في الجمع بين الحقين . عبد الله بن المبارك