الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما الحيوانات فتنقسم إلى ما يؤكل وإلى ما لا يؤكل ، وتفصيله في كتاب الأطعمة والنظر يطول في تفصيله لا سيما في الطيور الغريبة وحيوانات البر والبحر وما يحل أكله منها فإنما يحل إذا ذبح ذبحا شرعيا روعي ، فيه شروط الذابح والآلة والذبح وذلك مذكور في كتاب الصيد والذبائح وما لم يذبح ذبحا شرعيا أو مات فهو حرام ولا يحل إلا ميتتان ; السمك والجراد .

التالي السابق


(وأما الحيوانات فتنقسم إلى ما يؤكل وإلى ما لا يؤكل، وتفصيله في كتاب الأطعمة) من اختلاف أقوال الأئمة فيها (والنظر يطول في تفصيلها لا سيما في الطيور الغريبة وحيوانات البر والبحر) ، كل ذلك مودوع في كتب الفقه ولابن العماد الأقفهسي كتاب فيما يحل من الحيوانات وما لا يحل ، وأبسط منه كتاب حياة الحيوان للدميري ، فقد أجاد في أحكام كل حيوان غريب، واختصره الجلال السيوطي وسماه ديوان الحيوان، واستدرك عليه فيها أشياء حسنة تليق بالمذاكرة، (وما يحل أكله فإنما يحل إذا ذبح ذبحا شرعيا، وروعي فيه شروط الذابح والآلة) التي يذبح بها (والمذبح) أي: موضع الذبح (وذلك مذكور في كتاب الصيد والذبائح) لا يليق بهذا الكتاب التطويل فيه، (وما لم يذبح ذبحا شرعيا) مع مراعاة الشروط المذكورة، (أو مات) حتف أنفه، (فهو حرام ولا يحل) تناوله بالاتفاق لقوله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم الآية، (إلا ميتتان; السمك والجراد) ، فإنهما خصا من عموم الآية كما خص الكبد والطحال من عموم الدم، روى الحاكم والبيهقي من حديث ابن عمر رفعه: "أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" .

وقد روي موقوفا وصححه البيهقي ثم قال: وهو في معنى المسند، ولذا قال النووي : وهو وإن كان الصحيح وقفه، لكنه في حكم المرفوع إذ لا يقال من قبيل الرأي، ووقع لابن الرفعة في سياق هذا الحديث: الحوت بدل السمك، واعترضه الذهبي بعدم وروده، وكأنه أراد عدم ثبوته، وإلا فقد رواها ابن مردويه في تفسيره بهذه اللفظة، وفي إسناده نكارة، والمراد بالحوت حيوان البحر الذي يؤكل، وإن لم يسم سمكا، وكان على غير صورته بالكلية، ولو طفا خلافا لأبي حنيفة في الطافي مستدلا بما أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث جابر : "ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه وطفا فلا تأكلوه" . أي: ما انكشف عنه الماء فمات بفقدان الماء وطفا أي: علا وجه الماء، وقال الطحاوي : قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة عام خص منه غير الطافي من السمك بالاتفاق وبالحديث المشهور، والطافي مختلف فيه، فبقي داخلا في عموم الآية، وأما الجراد فحلال، هبه مات باصطياد بقطع رأس أم غيره أم حتف أنفه، وقد نقل النووي الإجماع على حل أكله واستثنى ابن العربي جراد الأندلس وقال: لا يحل أكله لضرره، وقال النووي في الروضة: وأما الميتات، فكلها نجسة إلا السمك والجراد، فإنهما طاهران بالإجماع وإلا الآدمي فإنه طاهر، وإلا الجنين الذي يوجد ميتا بعد ذكاة أمه والصيد الذي ذكاته..... فإنهما طاهران بلا خلاف اهـ .




الخدمات العلمية