الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والآيات الواردة في الحلال والحرام لا تحصى .

وروى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : طلب الحلال فريضة على كل مسلم ولما قال صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم .

قال بعض العلماء أراد به طلب علم الحلال والحرام وجعل المراد بالحديثين واحدا .

وقال صلى الله عليه وسلم : من سعى على عياله من حله ، فهو كالمجاهد في سبيل الله ومن طلب الدنيا حلالا في عفاف كان في درجة الشهداء .

التالي السابق


(والآيات الواردة في الحلال والحرام لا تحصر) ، وقد اقتصر على سياق ثلاث آيات; الأولى في أكل أموال الناس بالباطل، والثانية في أكل أموال اليتامى، والثالثة في الأكل بالربا، وكل ذلك حرام بالنص القطعي، فينبغي الحذر عن ارتكاب شيء من ذلك، هذا في الحرام، واقتصر في الحلال على آية واحدة، وهي: كلوا من الطيبات ، وفسره بالحلال وما لم يذكر يقاس على ما ذكر .

(و) أما الأخبار فقد (روى ابن مسعود) عبد الله رضي الله عنه، (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: طلب الحلال فريضة على كل مسلم ) ، وتقدم الكلام في تأويله على وجهين، وعلى تخريجه قريبا (ولما قال عليه) الصلاة و (السلام) فيما رواه ابن عدي والبيهقي في الشعب من حديث أنس ، والطبراني في الصغير، والخطيب في التاريخ من حديث الحسين بن علي ، والطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس ، وتمام في فوائده من حديث ابن عمر ، والطبراني في الكبير من حديث ابن مسعود ، والخطيب في التاريخ أيضا من حديث علي ، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في الشعب أيضا من حديث أبي سعيد ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) ، وقد تقدم الكلام عليه في كتاب العلم مفصلا (قال بعض العلماء) في تأويله: (أراد به طلب علم الحلال والحرام كالبيع والشراء) ، أي: إذا أراد العبد أن يدخل فيه افترض علمه عليه (وجعل المراد من الحديثين واحدا) ، وقال: إن في هذا الخبر دلالة على التسوية بين العلم والحلال في الطلب بالفرض، فمثل فرض طلب علم الحلال للأكل كمثل طلب العلم للجاهل، وهذا أيضا قد تقدم في كتاب العلم مفصلا مع أقوال أخرى ذكرت هناك، (وقال صلى الله عليه وسلم: من سعى على عياله) ، أي: اكتسب لهم بالسعي، أي: بالغدو والرواح إلى السوق (من حله، فهو كالمجاهد في سبيل الله) ، أي: منزلته منزلة المجاهد، (ومن طلب الدنيا حلالا) ، أي: من وجه الحل (في عفاف) ، أي: مع عفة النفس عن الحرص وغيره (كان في درجة الشهداء) هكذا هو في القوت .

قال العراقي : روى الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة : "من سعى على عياله، ففي سبيل الله" . ولأبي منصور الديلمي في مسند الفردوس: "من طلب مكسبه من باب حلال يكف بها وجهه عن مسألة [ ص: 7 ] الناس وولده وعياله، جاء يوم القيامة مع النبيين والصديقين" . وإسناده ضعيف اهـ .

قلت: والسياق الأخير رواه أيضا الخطيب في التاريخ، ولفظه: من مال الحلال، وفيه بعد قوله: والصديقين، هكذا، وأشار بأصبعه السبابة والوسطى .




الخدمات العلمية