الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
أما الاستئجار على تعليم مسألة بعينها ، أو تعليم سورة بعينها ، لشخص معين ، فصحيح .

التالي السابق


(أما الاستئجار على تعليم مسألة بعينها، أو تعليم سورة بعينها، لشخص معين، فصحيح) قال الإمام في النهاية: لو عين شخصا، أو جماعة، لتعليمهم مسألة، أو مسائل مضبوطة، فهو جائز، قال: والذي ذكره الأصحاب من منع الاستئجار على التدريس محمول على ما إذا استأجر رجلا مدرسا حتى يتصدى للتدريس إقامة لعلم الشريعة، من غير أن يعين له من يعلمه، فهذا امتنع بسبب أنه تصدى للأمر العام المفروض على الكفاية، فكأنه بمثابة الجهاد، ولو فرضنا استئجار مقرئ على هذه الصورة لكان ممتنعا، كما يمتنع استئجار المدرس .

قال: وفي النفس من الاستئجار على التدريس شيء من جهة أنه يشابه الأذان; إذ الغرض من كل منهما راجع إلى الناس عموما، وليس في امتياز معنى الأذان بالفرضية زيادة فقه، وامتناع الاستئجار على الجهاد; إنما كان لنزوله على أهل الاستمكان نزولا عاما، ولا متعلق له إلا الذب عن حريم الإسلام، والتدريس وإن كان يعم من وجه فهو من جهة التعلق بمن يتعلق خاص; إذ على كل أحد أن يتعلم في نفسه ما يجب عليه، كما يجب على كل أحد أن يعتني بمعرفة أوقات الصلاة، والمؤذن يكفي الناس ذلك، فإن صار صائر إلى تجويز الاستئجار على التدريس، فلا بد من إعلام على التحقيق، فإن الأذان بين في نفسه، هذا كله كلام الإمام .

وأما تعلم القرآن فهو من فروض الكفايات، ونفعه راجع إلى المتعلم، فيجوز الاستئجار عليه، فإن كل واحد يجب عليه أن يتعلم مقدارا من القرآن تصح به صلاته من الفاتحة، فلو استأجر من يعلمه لصح; لأن نفعه راجع إليه، وأما الزائد على قدر الواجب فلا نزاع في جواز الاستئجار عليه; لأنه حينئذ من الشعائر التي لا تجب النية فيها .

وإذا استأجر لتعليم القرآن فيقدر التعليم بالمدة، كأن يقال: استأجرتك شهرا لتعلمني القرآن، أو بتعيين السورة، كأن يقال: استأجرتك لتعلمني سورة كذا، أو عشر كذا، أو آية كذا، وقيل في الصورة الأولى: إنه لا يكفي ذكر المدة، بل لا بد من تعيين السورة، أو الآيات; لتفاوتها في التعليم، والحفظ، سهولة وصعوبة، وفيه وجه: أنه لا يكفي ذكر المدة، بل لا بد من تعيين السورة، وإذا ذكر عشر آيات كفى، وفي المهذب وجه: أنه لا بد من تعيين السورة، قال الإمام: كنت أود أن لا يصح الاستئجار للتعليم حتى يختبر حفظ المتعلم، كما لا تصح إجازة الدابة للركوب حتى يعرف حال الراكب، لكن ظاهر كلام الأصحاب أنه يشترط، وإنما يصح الاستئجار لتعليم القرآن إذا كان من يعلمه مسلما، أو كافرا يرجى إسلامه، فإن كان لا يرجى لم يعلم له القرآن، كما لا يباع المصحف من الكافر .




الخدمات العلمية