الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وبالجملة دعاء المؤمن لأبويه مفيد برا كان أو فاجرا ، فهو مثاب على دعواته وحسناته فإنه من كسبه وغير مؤاخذ بسيئاته فإنه ولا تزر وازرة وزر أخرى ولذلك قال تعالى ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء أي ما نقصناهم من أعمالهم وجعلنا أولادهم مزيدا في إحسانهم .

التالي السابق


(وبالجملة دعاء المؤمن لأبويه مفيد) ينتفعان به (برا كان) الولد (أو فاجرا، فهو) أي: الأب (مثاب على دعائه وحسناته فإنه من كسبه) فإنه تعالى يثيب المكلف بكل فعل يتوقف وجوده توقفا على كسبه، سواء فيها المباشرة والسببية وما يتجدد حالا من منافع الصدقات الجارية، ويصل إليه من صالحات أعمال الولد تبعا لوجود الذي هو سبب عن فعل الوالد كان ذلك ثوابا لاحقا به غير منقطع (و) هو (غير مؤاخذ بسيئاته) وأوزاره (فإنه) قال الله تعالى: ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) أي لا تحمل نفس حاملة حمل نفس أخرى (ولذلك قال تعالى) : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ( ألحقنا بهم ذريتهم ) في دخول الجنة والدرجة لما في الخبر: " إن الله تعالى يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقر بهم عينه" ( وما ألتناهم من عملهم من شيء أي ما نقصناهم من أعمالهم) بهذا الإلحاق، وقيل: جازيناهم بهم، (وجعلنا أولادهم مزيدا في إحسانهم) لأنهم من أعمالهم وأكسابهم، كما قال: ما أغنى عنه ماله وما كسب أي: ولده، ففي تدبره أن الولد يغني المؤمن في الآخرة كما يغني المال عنه إذا أنفقه في سبيل الله، ويروى: ولد الرجل من كسبه فأحل ما أكل من كسب ولده، ويحتمل أن يكون بالتفضيل عليهم وهو اللائق بكمال لطفه، ثم قال: كل امرئ بما كسب رهين أي: بعمله مرهون عند الله، فإن عمل صالحا فلها وإلا فهلكها، وفي أول الآية إشعار بأنه يكفي للإلحاق المتابعة في أصل الإيمان .




الخدمات العلمية