الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
آداب الحضور لمنزل الداعي والجلوس فيه .

وأما الحضور فأدبه أن يدخل الدار ولا يتصدر فيأخذ أحسن الأماكن بل يتواضع ولا يطول الانتظار عليهم ولا يعجل بحيث يفاجئهم قبل تمام الاستعداد ولا يضيق المكان على الحاضرين بالزحمة بل إن أشار إليه صاحب المكان بموضع لا يخالفه البتة فإنه قد يكون رتب في نفسه موضع كل واحد فمخالفته تشوش عليه وإن أشار إليه بعض الضيفان بالارتفاع إكراما فليتواضع قال صلى الله عليه وسلم : " إن من التواضع لله الرضا بالدون من المجلس .

"

التالي السابق


(وأما الحضور فآدابه أن يدخل الدار) التي دعي إليها (ولا يتصدر) أي: لا يقصد صدر المجلس (فيأخذ أحسن الأماكن) وأعلاها (بل يتواضع) في جلوسه يجلس حيث انتهى به المجلس (ولا يطول الانتظار عليهم) بحيث يبطئ في المجيء فينتظرونه (ولا يعجل) في المجيء (بحيث يفاجئهم قبل) الوقت وقبل (تمام الاستعداد) للطعام ولوازمه إلا إن علم من حال الداعي أنه يفرح بمجيئه قبل تمام الاستعداد ليستأنس به فلا بأس، أو كان بالمدعو عذر لو تأخر كان سببا لعدم حضوره، وكان على هذا القدم شيخنا العارف بالله محمد بن علي الجزائي الشاذلي -رحمه الله تعالى -، كان إذا دعاه أحد إخوانه بكر إليه من أول النهار، ويعتذر له في تبكيره بما يزيل به الوحشة عن الداعي وأتباعه (و) إذا حضر (لا يضيق المكان على الحاضرين) في المجلس الذين سبقوه في الحضور (بالزحمة) بأن يزاحمهم على مكانهم طلبا للعلو والرياسة، (بل إن أشار إليه صاحب المكان بموضع) خصه به (لم يخالفه البتة فإنه) أي: صاحب المكان (يكون قد رتب في نفسه موضع كل واحد) ما يليق به (فمخالفته تشوش عليه) وتغير مزاجه، (وإن أشار إليه بعض الضيفان بالارتفاع) في المجلس بأن وسعوا له (إكراما) له (فليتواضع) ولا يغتر بما رفعوا من شأنه، فالفضيلة إنما هي بالكمالات العلمية والعملية لا برفعة المواضع، فلو جلس صاحبنا عند النعال صار موضعه صدرا، فليحذر من هذا التنافس فإنه سم قاتل. (قال - صلى الله عليه وسلم-: " إن من التواضع لله الرضا بالدون في المجلس") قال العراقي : رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق، وأبو نعيم في رياضة المتعلمين من حديث طلحة بن عبيد الله بسند جيد. اهـ .

قلت: ورواه أيضا الطبراني في الأوسط، والبيهقي في السنن بلفظ: " بالدون من شرف المجالس "، وفيه أيوب بن سليمان بن عبد الله. قال الهيثمي: لم أعرفه ولا والده وبقية رجاله ثقات. اهـ .

وقال المنياوي: فيه أيضا سليمان بن أيوب الطلحي قال في اللسان: صاحب مناكير وقد وثق، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه لا يتابع عليها ثم أورد له أخبارا هذا منها .




الخدمات العلمية