وتلك الحجب أيضا مترتبة ، وتلك الأنوار متفاوتة في الرتب تفاوت الشمس والقمر والكواكب ويبدو في الأول أصغرها ، ثم ما يليه وعليه ، أول بعض الصوفية درجات ما كان يظهر لإبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم في ترقيه وقال : فلما جن عليه الليل أي : أظلم عليه الأمر رأى كوكبا أي : وصل إلى حجاب من حجب النور فعبر عنه بالكوكب وما أريد به هذه الأجسام المضيئة ؛ فإن آحاد العوام لا يخفى عليهم أن الربوبية لا تليق بالأجسام ، بل يدركون ذلك بأوائل نظرهم فما لا يضلل العوام لا يضلل الخليل عليه السلام والحجب المسماة أنوارا ما أريد بها الضوء المحسوس بالبصر ، بل أريد بها ما أريد بقوله تعالى : الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح الآية ولنتجاوز هذه المعاني فإنها خارجة عن علم المعاملة ، ولا يوصل إلى حقائقها إلا الكشف التابع للفكر الصافي وقل من ينفتح له بابه والمتيسر على جماهير الخلائق الفكر فيما يفيد في علم المعاملة وذلك أيضا مما تغزر فائدته ، ويعظم نفعه ، فهذه الوظائف الأربعة ، أعني : بل في كل ورد بعد الفراغ من وظيفة الصلاة ، فليس بعد الصلاة وظيفة سوى هذه الأربع ويقوى على ذلك بأن يأخذ سلاحه ومجنته والصوم هو الجنة التي تضيق مجاري الشيطان المعادي الصارف له على سبيل الرشاد وليس بعد طلوع الصبح صلاة سوى ركعتي الفجر وفرض الصبح إلى طلوع الشمس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يشتغلون في هذا الوقت بالأذكار وهو الأولى إلى أن يغلبه النوم قبل الفرض ولم يندفع إلا بالصلاة فلو صلى لذلك فلا بأس به . الدعاء والذكر والقراءة والفكر ينبغي أن تكون وظيفة المريد بعد صلاة الصبح