. فمن أراد أن يدخل الجنة بغير حساب فليستغرق أوقاته في الطاعة
ومن أراد أن تترجح كفة حسناته وتثقل موازين خيراته فليستوعب في الطاعة أكثر أوقاته فإن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فأمره مخطر ولكن الرجاء غير منقطع ، والعفو من كرم الله منتظر ، فعسى الله تعالى أن يغفر له بجوده وكرمه فهذا ما انكشف للناظرين بنور البصيرة فإن لم تكن من أهله فانظر إلى خطاب الله تعالى لرسوله واقتبسه بنور الإيمان فقد قال الله تعالى لأقرب عباده إليه ، وأرفعهم درجة لديه إن لك في النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا وقال تعالى: واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا وقال تعالى : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود وقال سبحانه : وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم وقال تعالى : إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا وقال تعالى ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى وقال عز وجل : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ثم انظر كيف وصف الفائزين من عباده وبماذا ، وصفهم ، فقال تعالى: أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقال تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا وقال عز وجل: والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما وقال عز وجل : كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وقال عز وجل : فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقال تعالى : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه فهذا كله يبين لك أن الطريق إلى الله تعالى مراقبة الأوقات وعمارتها بالأوراد على سبيل الدوام .
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : وقد قال تعالى : " أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله تعالى الشمس والقمر بحسبان وقال تعالى : ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وقال تعالى : والقمر قدرناه منازل وقال تعالى : وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر فلا تظنن أن المقصود من سير الشمس والقمر بحسبان منظوم مرتب ومن خلق الظل والنور والنجوم أن يستعان بها على أمور الدنيا بل لتعرف بها مقادير الأوقات فتشتغل فيها بالطاعات والتجارة للدار الآخرة يدلك عليه قوله تعالى : وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا أي يخلف أحدهما الآخر ليتدارك في أحدهما ما فات في الآخر وبين أن ذلك للذكر والشكر لا غير وقال تعالى : وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وإنما الفضل المبتغى هو الثواب والمغفرة ونسأل الله حسن التوفيق لما يرضيه .