الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإن تيسر له ولو في آخر عمره سقط عنه .

وإن مات قبل الحج لقي الله عز وجل عاصيا بترك الحج وكان الحج في تركته يحج عنه وإن لم يوص كسائر ديونه .

وإن استطاع في سنة فلم يخرج مع الناس وهلك ماله في تلك السنة قبل حج الناس ثم مات لقي الله عز وجل ولا حج عليه .

التالي السابق


(فإن تيسر له ولو في آخر عمره سقط عنه الفرض ، وإن مات قبل الحج لقي الله عاصيا بترك الحج وكان الحج في تركته يحج عنه) أي : استقر الوجوب عليه ، ولزم الإحجاج من تركته (وإن لم يوص) بالإحجاج عنه [ ص: 297 ] (كسائر ديونه) المستقرة في ذمته (وإن استطاع في سنة) وتحقق الإمكان (فلم يخرج مع الناس فهلك ماله في تلك السنة قبل حج الناس لقي الله ولا حج عليه) ؛ لأنه لم تدم له الاستطاعة ، وعن يحيى البلخي أنه يستقر عليه الحج ، وذكر في المذهب أن أبا إسحاق أخرج إليه نص الشافعي -رحمه الله تعالى- فرجع عنه . وقال في التهذيب : ورجوع القافلة ليس بشرط حتى لو مات بعد انتصاف ليلة النحر ومضى إمكان السير إلى منى والرمي بها وإلى مكة والطواف بها استقر الفرض عليه ، وإن مات أو جن قبل انتصاف ليلة النحر لم يستقر ، وإن ملكه بعد إياب الناس أو مضى إمكان الإياب استقر الحج ، وإن ملك بعد حجهم وقبل الإياب وإمكانه ففيه وجهان : أصحهما : أنه لا يستقر ، وإن أحصر الذين تمكن من الخروج معهم فتخلفوا لم يستقر الفرض عليه ، وإن سلكوا طريقا آخر فحجوا استقر ، وكذلك إذا حجوا في السنة التي بعدها إذا عاش وبقي ماله ، وإذا دامت الاستطاعة وتحقق الإمكان ولم يحج حتى مات فهل يعصي ؟ فيه وجهان : أحدهما وبه قال أبو إسحاق : لا ؛ لأننا جوزنا له التأخير ، وأظهرهما : نعم ؛ وإلا ارتفع الحكم بالوجوب والمجوز هو التأخير دون التفويت .



(تنبيه)

قول المصنف : لقي الله عاصيا . فإذا قلنا يموت عاصيا فمن أي وقت يحكم بعصيانه ؟ فيه وجهان : أحدهما : من أول سنة الإمكان ؛ لاستقرار الفرض عليه يومئذ ، وأظهرهما وبه قال أبو إسحاق : يأثم من آخر سنة الإمكان ؛ لجواز التأخير إليها ، وفيه وجه ثالث : أنه يحكم بموته عاصيا من غير أن يسنده إلى زمن مضى ، ومن فوائد الحكم بموته عاصيا لو كان شهد عند القاضي ولم يقض بشهادته حتى مات لا يقضي ، كما لو بان فسقه ، ولو قضى بشهادته من الأول من سني الإمكان وآخرها فإن عصيناه من آخرها لم ينقض ذلك الحكم بحال ، وإن عصيناه من أولاها ففي نقضه القولان فيما إذا بان للشهود فسقه ، والله أعلم .




الخدمات العلمية