الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والحول غير معتبر .

والأولى أن لا يعتبر النصاب أيضا ؛ لأن إيجاب الخمس يؤكد شبهه بالغنيمة واعتباره أيضا ليس ببعيد لأن مصرف الزكاة ولذلك يخصص على الصحيح بالنقدين .

التالي السابق


(والحول غير معتبر) بلا خلاف، صرح به الرافعي والنووي، وإن جرى في المعدن خلاف فقول القاضي أبي بكر بن العربي: اختلف الناس في اعتبار الحول فيه، فرأي مالك أنه كالزرع؛ لأنه مال زكوي يخرج من الأرض، ورأي الشافعي أنه ذهب وفضة يجريان على حكمهما، فراعى الشافعي اللفظ وراعى مالك المعنى، وهو أسعد به. اهـ .

فيه نظر لمخالفته مذهب الشافعي، ولعل هذا الخلاف في المعدن، فإن الاختلاف فيه في اشتراط الحول معروف كما سيأتي، وأما النصاب ففيه قولان: جديد وقديم، أحدهما: أنه شرط فيه على المذهب؛ لأنه مال استفاد من الأرض فاختص بما تجب فيه الزكاة قدرا ونوعا كالمعدن، والثاني: لا يشترط؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس. ومنهم من لم يثبته قولا، (والأولى أن لا يعتبر النصاب) فيه (أيضا؛ لأن إيجاب الخمس) فيه اتفاقا (يؤكد شبهه بالغنيمة) ، وأيضا فعموم الخبر المتقدم دال على عدم اعتباره، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وحكاه ابن المنذر عن إسحق وأبي عبيد وأصحاب الرأي، واختاره ابن المنذر وقال: هو أولى بظاهر الحديث. (واعتباره ليس أيضا بعيدا) في النظر (لأن مصرفه مصرف الزكاة) على القول المشهور في المذهب، وحكي قول، وقيل: فيه وجه أنه يصرف مصرف خمس الفيء، وقول آخر أنه يصرف لأهل الخمس؛ لأنه مال جاهلي حصل [ ص: 49 ] الظفر به من غير إيجاب خيل ولا ركاب، فكان كالفيء؛ فعلى هذا يجب على المكاتب والكافر ولا يحتاج إلى نية، والمصرف في الموضعين بكسر الراء فيهما محل الصرف، وهو المراد هنا، وبفتح الراء مصدر؛ (ولذلك يخصص على الصحيح من القولين) في المذهب (بالنقدين) الذهب والفضة دون سائر المنطبعات كالحديد والرصاص وغيرهما، وقال أحمد: لا فرق في الركاز بين أن يكون ذهبا أو فضة أو نحاسا أو حديدا أو جواهر أو غيرها من الأموال، وحكاه ابن المنذر عنه وعن إسحق وأبي عبيد وأصحاب الرأي، قال: وبه أقول، قال: وقال الأوزاعي: ما أرى بأخذ الخمس من ذلك كله بأسا، وعن مالك فيه روايتان كالقولين، وحكى كل منهما عن ابن القاسم وقال بالتعميم مطرف وابن الماجشون وابن نافع، وبالتخصيص ابن المواز، قال ابن المنذر: وأصح قولي مالك ما عليه سائر أهل العلم، والله أعلم .




الخدمات العلمية