الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الرابع : كمال الملك والتصرف فتجب الزكاة في الماشية المرهونة لأنه الذي حجر على نفسه فيه

التالي السابق


(الرابع: كمال الملك والتصرف) ، وفي هذا الشرط خلاف يظهر بتفاريع مسائله .

وقال المصنف في الوجيز: وأسباب الضعف ثلاثة: امتناع التصرف، وتسلط الغير على ملكه، وعدم قرار الملك. وجميع المسائل في هذا الشرط يتفرع على هذه الأسباب الثلاثة، ومن مسائل هذا الشرط ما أشار إليه بقوله: (فتجب الزكاة في الماشية المرهونة) ، وكذا غيرها من أموال الزكاة. وهذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور، قالوا: (لأنه هو الذي حجر على نفسه فيها) ، وقيل: فيه وجهان؛ بناء على المغصوب لامتناع التصرف، والذي قاله الجمهور تفريع على أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة، وهو الراجح، وفيه خلاف .

وإذا أوجبنا الزكاة في المرهون فمن أين يخرج؟ قال في الروضة: إذا رهن مال الزكاة بعد الحول، فالقول في صحة الرهن في قدر الزكاة كالقول في صحة بيعه، فإذا صححنا في قدر الزكاة فما زاد أولى، وإن أبطلناه فالباقي يرتب على البيع إن صححناه فالرهن أولى، فإذا صححنا الرهن في الجميع فلم يؤد الزكاة من موضع آخر، فالساعي أخذها منه، فإذا أخذها نفسخ الرهن فيهما، وفي الباقي الخلاف المتقدم في البيع، وإن أبطلناه في الجميع أو في قدر الزكاة وكان الخيار مشروطا في بيع ففي فساد البيع قولان، فإن لم يفسد فللمشتري الخيار، ولا يسقط خياره بأداء الزكاة من موضع آخر، أما إذا رهن قبل تمام الحول فتم ففي وجوب الزكاة خلاف، والرهن لا يكون إلا بدين، وفي كون الدين مانعا من الزكاة الخلاف المعروف، فإن قلنا: الرهن لا يمنع الزكاة وقلنا: الدين لا يمنع أيضا، أو قلنا: يمنع وكان له مال آخر يفي بالدين وجبت الزكاة وإلا فلا، ثم إن لم يملك الراهن مالا آخر أخذت الزكاة من عين المرهون على الأصح، ولا تؤخذ منه على الثاني، فعلى الأصح لو كانت الزكاة من غير جنس المال كالشاة من الإبل بيع جزء من المال فيها، ثم إذا أخذت الزكاة من غير المرهون فأيسر الراهن بعد ذلك، فهل يؤخذ منه قدرها ليكون رهنا عند المرتهن؟ إن علقنا الزكاة بالذمة أخذ وإلا فلا على الأصح، وإذا قلنا بالأخذ؛ فإن كان النصاب مثليا أخذ المثل وإلا فالقيمة على قاعدة الغرامات، أما إذا ملك مالا آخر فالذي قطع به الجمهور أن الزكاة تؤخذ من سائر أمواله ولا تؤخذ من غير المرهون، وقال جماعة: تؤخذ من عينه إن علقناها بالعين. هذا هو القياس، كما لا يجب على السيد فداء المرهون إذا جنى .




الخدمات العلمية