الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ويستحب طلب كثرة الجمع تبركا بكثرة الهمم ، والأدعية واشتماله ، على ذي دعوة مستجابة لما روى كريب عن ابن عباس أنه مات له ابن فقال يا كريب انظر ما اجتمع له من الناس قال فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا له فأخبرته فقال : تقول : هم أربعون : قلت : نعم ؛ قال : أخرجوه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا ، لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله عز وجل فيه .

التالي السابق


( ويستحب طلب كثرة الجمع) .

قال في الروضة: ولا يشترط فيها الجماعة، لكن يستحب، وفي أقل ما يسقط فرض الكفاية في هذه الصلاة قولان ووجهان؛ أحد القولين بثلاث، والثاني بواحد، وأحد الوجهين باثنين، والثاني بأربعة، والأظهر عند الروياني وغيره سقوطه بواحد، ومن اعتبر العدد قال: سواء صلوا فرادى أو جماعة، ولو بان حدث الإمام أو بعض المأمومين فإن بقي [ ص: 456 ] العدد المعتبر سقط الفرض، وإلا فلا، ويسقط بصلاة الصبيان المميزين على الأصح، ولا يسقط بالنساء على الصحيح، وقال كثيرون: لا يسقط بهن قطعا، وإن كثرت فالخلاف فيما إذا كان هناك رجال، فإن لم يكن رجل صلين منفردات، وسقط الفرض بهن، قال في العدة: وظاهر المذهب أنه لا يستحب لهن الجماعة في جنازة الرجل والمرأة، وقيل: يستحب في جنازة المرأة، قال النووي : إذا لم يحضر إلا النساء توجه الفرض عليهن، وإذا حضرت مع الرجال لم يتوجه الفرض عليهن، فلو لم يحضر إلا رجل ونساء، وقلنا: لا يسقط إلا بثلاثة توجه التتميم عليهن، والله أعلم .

وإنما قيل باستحباب طلب كثرة الجمع ( تبركا بكثرة الهمم، والأدعية، واشتمالها على ذي دعوة مستجابة) من أرباب الصلاح والأحوال، ممن كان الحق سمعه وبصره ولسانه ويده، فإن مثل هذا دعوته وشفاعته مقبولتان، كما تقدم؛ ( لما روى) أبو رشد بن ( كريب) بن أبي مسلم الحجازي مولى ابن عباس ؛ وثقه ابن معين والنسائي، مات سنة ثمان وتسعين من الهجرة بالمدينة، روى له الجماعة ( عن ابن عباس ) رضي الله عنه ( أنه مات ابن له) أي لابن عباس ( فقال) لمولاه المذكور ( انظر ما اجتمع له من الناس قال) كريب: ( فخرجت) فنظرت ( فإذا ناس قد اجتمعوا له) أي ينتظرون الجنازة ( فأخبرته فقال: تقول:) يا كريب ( هم أربعون) بالظن ( قال: قلت: نعم؛ قال: أخرجوه) أي المتوفى ( فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله تعالى شيئا إلا شفعهم الله تعالى فيه) .

قال العراقي : أخرجه مسلم. ا هـ .

قلت: ورواه كذلك أحمد، وأبو داود، والبيهقي في السنن، وفي رواية لهم خلا مسلم : "ما من مسلم يموت"، وفي آخره: إلا شفعوا فيه، وفي معناه ما أخرجه أحمد، والطبراني في الكبير من حديث ميمونة : "ما من مسلم يصلي عليه أمة إلا شفعوا فيه"، وعند النسائي والبيهقي من حديثها: "ما من ميت يصلي عليه أمة من الناس إلا شفعوا فيه".

وأخرج أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن حبان، والبيهقي من حديث أنس وعائشة "ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعون له إلا شفعوا فيه".

وأخرج أحمد، وأبو داود، والطبراني من حديث مالك بن هبيرة "ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاث صفوف من المسلمين إلا أوجب"، وأخرجه الترمذي وحسنه بلفظ "من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب ".




الخدمات العلمية