الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور .

التالي السابق


( وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراج [ ص: 390 ] العواتق) جمع عاتق بلا هاء، وهي التي عتقت أي بلغت أو خرجت عن خدمة أبويها، ومن أن يملكها زوج ( وذوات الخدور) أي الستور؛ قال العراقي : متفق عليه من حديث أم عطية .

قال البخاري : حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن محمد قال: قالت أم عطية: أمرنا أن نخرج فنخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور؛ فأما الحيض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزلن مصلاهم.

وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة والبخاري وابن خزيمة من طريق حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نخرجهن يوم الفطر ويوم النحر. قالت أم عطية: فقلنا: أرأيت إحداهن لا يكون لها جلباب؟ قال: "فلتلبسها أختها من جلبابها"، ومعنى قوله: من جلبابها، أي من جنس جلبابها. ويؤيده رواية ابن خزيمة: "من جلابيبها". أي مما لا تحتاج إليه أو هو على سبيل المبالغة، أي: يخرجن، ولو كان ثنتان في ثوب واحد، قال ابن بطال: فيه تأكيد خروجهن للعيد؛ لأنه إذا أمر من لا جلباب لها، فمن لها جلباب أولى، والحديث عام سواء كن شواب أو ذوات هيآت أم لا، والأولى أن يخص ذلك بمن يؤمن عليها وبها الفتنة، فلا يترتب على حضورها محذور، ولا تزاحم الرجال في الطرق، ولا في المجامع، والمروي عن أبي حنيفة: أن ملازمات البيوت لا يخرجن، وفي شرح الرافعي أن الصيدلاني ذكر أن الرخصة في خروج النساء إلى المساجد وردت في ذلك الوقت، وأما اليوم فيكره؛ لأن الناس قد تغيروا، وروي في هذا المعنى عن عائشة .

قال الحافظ ابن حجر : كأنه يشير إلى حديث عائشة : لو أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد، وهو متفق عليه .

قلت: وقد عقد أبو بكر بن أبي شيبة بابا فيمن رخص في خروج النساء إلى العيدين. ونقل ذلك عن ابن عباس وأم عطية. تقدم حديثهما .

وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين، وعن علي مثله بزيادة، ولم يكن يخص لهن في شيء من الخروج إلا إلى العيدين .

وعن نافع قال: كان عبد الله بن عمر يخرج إلى العيدين من استطاع من أهله.

وعن عائشة قالت: كانت الكعاب تخرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خدرها في الفطر، والأضحى.

وعن عبد الرحمن بن الأسود أن علقمة والأسود كانا يخرجان نساءهم في العيدين، ويمنعوهن من الجمعة .

ثم قال: باب من كره خروج النساء إلى العيدين، فذكر عن جرير، عن منصور، عن إبراهيم قال: يكره خروج النساء في العيدين، ومن وجه آخر قال: كره للشابة أن تخرج إلى العيدين .

وعن نافع أن ابن عمر كان لا يخرج نساءه في العيدين.

وعن عروة أنه كان لا يدع امرأة من أهله تخرج إلى فطر ولا إلى أضحى، وعن عبد الرحمن بن القاسم قال: كان القاسم أشد شيء على العواتق، لا يدعهن يخرجن في الفطر والأضحى .




الخدمات العلمية