قال ابن السبكي: أخبرنا الحافظ أبو العباس الأشعري إذنا خاصا، عن أبي الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر، عن أبي المظفر عبد الرحيم، أخبرنا والدي الحافظ أبو سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور، أنشدنا أبو سعيد محمد بن أبي العباس الخليلي إملاء بنوقان في الجامع، أنشدنا رحمه الله: الإمام أبو حامد الغزالي
ارفد ببال امرئ يمسي على ثقة أن الذي خلق الأرزاق يرزقه فالعرض منه مصون لا يدنسه
والوجه منه جديد ليس يخلقه إن القناعة من يحلل بساحتها
لم يلق في دهره شيئا يؤرقه
سقمي في الحب عافيتي ووجودي في الهوى عدمي
وعذاب ترتضون به في فمي أحلى من النعم
ما لضر في محبتكم عندنا والله من ألم
قد كنت عبدا والهوى مالكي فصرت حرا والهوى خادمي
وصرت بالوحدة مستأنسا من شر أصناف بني آدم
ما في اختلاط الناس خير ولا ذو الجهل بالأشياء كالعالم
يا لائمي في ترككم جاهلا عذري منقوش على الخاتم
وبالسند إلى الحافظ أبي عبد الله قال: قرأت على أبي القاسم بن أسعد البزار، عن يوسف بن أحمد الحافظ، أنشدنا محمد بن أبي عبد الله الجوهري، قال: أنشدنا رحمه الله: لأبي حامد الغزالي
فقهاؤنا كذبالة النبراس هي في الحريق وضوؤها للناس
حبر دميم تحت رائق منظر كالفضة البيضاء فوق نحاس
حلت عقارب صدغه في خده قمرا يجل بها عن التشبيه
ولقد عهدناه يحل ببرجها ومن العجائب كيف حلت فيه
[ ص: 25 ]
حلت عقارب صدغه في خده وحظيت منه بلثم خد أزهر
إني اعتزلت فلا تلوموا إنه أضحى يقابلني بوجه أشعر
وقيل لم اعتزلت فقلت لما يقابلني بوجه أشعري
وحبب أوطار الرجال إليهم مآرب قضاها الفؤاد هنا لكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل وعدت إلى مصحوب أول منزل
فنادت بي الأشواق مهلا فهذه منازل من تهوى رويدك فانزل
إذا ما كنت ملتمسا لرزق ونيل القصد من عبد وحر
وتظفر بالذي ترجو سريعا وتأمن من مخالفة وغدر
ففاتحة الكتاب فإن فيها لما أملت سرا أي سر
فالزم ذكرها عقبى مساء وفي صبح وفي ظهر وعصر
وتمسي مقريا في كل ليل إلى التسعين تتبعها بعشر
تنل ما شئت من عز وجاه وعظم مهابة وعلو قدر
وستر لا تغيره الليالي بحادثة من النقصان تجري
وتوقير وأفراح دواما وتأمن من مخاوف كل شر
ومن عري وجوع وانقطاع ومن بطش لذي نهي وأمر