هذا في عاص غير غافل في ذكره فكيف إذا اجتمعت الغفلة والعصيان وباختلاف المعاني التي ذكرناها في القلوب بل ربما كان مستوعب الهم بها بحيث لا يحس بما يجري بين يديه . انقسم الناس إلى غافل يتمم صلاته ولم يحضر قلبه في لحظة منها ، وإلى من يتمم ولم يغب قلبه في لحظة
ولذلك لم يحس مسلم بن يسار بسقوط الأسطوانة في المسجد اجتمع الناس عليها .
وبعضهم كان يحضر الجماعة مدة ولم يعرف قط من على يمينه ويساره .
ووجيب قلب إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه كان يسمع على ميلين .
وجماعة كانت تصفر وجوههم وترتعد فرائصهم .
وكل ذلك غير مستبعد فإن أضعافه مشاهد في همم أهل الدنيا ، وخوف ملوك الدنيا مع عجزهم وضعفهم وخساسة الحظوظ الحاصلة منهم حتى يدخل الواحد على ملك أو وزير ويحدثه بمهمته ثم يخرج ، ولو سئل عمن حواليه أو عن ثوب الملك لكان لا يقدر على الإخبار عنه لاشتغال همه به عن ثوبه وعن الحاضرين حواليه ولكل درجات مما عملوا فحظ كل واحد من صلاته بقدر خوفه وخشوعه وتعظيمه فإن موضع نظر الله سبحانه القلوب دون ظاهر الحركات .
ولذلك قال بعض الصحابة رضي الله عنهم : يحشر الناس يوم القيامة على مثال هيئتهم في الصلاة من الطمأنينة والهدوء ومن وجود النعيم بها واللذة ولقد صدق فإنه يحشر كل على ما مات عليه ، ويموت على ما عاش عليه ويراعي في ذلك حال قلبه لا حال شخصه فمن صفات القلوب تصاغ الصور في الدار الآخرة ولا ينجو إلا من أتى الله بقلب سليم نسأل الله حسن التوفيق بلطفه وكرمه .