الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ويجب القتل بسبب تركه على الخصوص .

التالي السابق


(ويجب القتل بسبب تركه على الخصوص) -ولو صلاة واحدة- حدا، وقيل: كفرا، هكذا نقله أصحابنا عن الشافعي، قال ابن هبيرة في الإفصاح: أجمعوا على أن تارك الصلاة الجاحد لوجوبها كافر، يجب قتله ردة، واختلفوا فيمن تركها ولم يصل تهاونا وهو معتقد لوجوبها، فقال مالك والشافعي : يقتل إجماعا منهم، وقال أبو حنيفة : يحبس أبدا حتى يصلي من غير قتل، ثم اختلف موجبو قتله، فقال مالك : حدا، وقال ابن حبيب من أصحابه: يقتل كفرا، ولم تختلف الرواية عن مالك أنه يقتل بالسيف، وإذا قتل حدا على المستقر من مذهب مالك، فإنه يورث ويصلى عليه، وله حكم أموات المسلمين، وقال الشافعي : حدا، وحكمه حكم أموات المسلمين، واختلف أصحابه متى يقتل؟ فقال أبو علي بن أبي هريرة ظاهر كلام الشافعي أنه يقتل إذا ضاق وقت الأدلة، وهكذا ذكر صاحب الحاوي .

وقال أبو سعيد الإصطخري: يقتل بين الصلاة الرابعة مع ضيق وقتها، وقال أبو إسحاق الإسفراييني: بترك الصلاة الثانية إذا ضاق وقتها، ويستتاب قبل القتل، واختلفوا أيضا، كيف يقتل؟ فقال أبو إسحاق الشيرازي: المنصوص أنه يقتل ضربا بالسيف إلا أن ابن سريج قال: لا يقتل بالسيف، ولكن ينخس به أو يضرب بالخشب حتى يصلي أو يموت .

وقال أحمد : من ترك الصلاة كسلا وتهاونا وهو غير جاحد لوجوبها، فإنه يقتل رواية واحدة عنه .

وأما متى يجب قتله؟ ففيه ثلاث روايات:

الأولى: بترك صلاة واحدة وتضايق وقت الثانية، وهي اختيار أكثر أصحابه .

والثانية: بترك ثلاث صلوات متواليات وتضايق وقت الرابعة .

والثالثة: أنه يدعى إليها ثلاثة أيام، فإن صلى وإلا قتل، رواها المروزي واختارها الخرقي ويقتل بالسيف رواية واحدة، واختلف عنه هل وجب قتله حدا؟ أو كفرا؟ على روايتين؛ إحداهما: أنه لكفره كالمرتد، وتجرى عليه أحكام المرتدين، وهي اختيار جمهور أصحابه، وأخرى حدا وحكمه حكم أموات المسلمين، وهي اختيار أبي عبد الله بن بطة اهـ .

قلت: وعند أصحابنا رواية أخرى أنه يضرب حتى يسيل منه، وعللوا الحبس بأنه يحبس لحق العبد فحق الحق أحق .




الخدمات العلمية