الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما السنن من الأذكار فدعاء الاستفتاح ثم التعوذ ثم قوله آمين فإنه سنة مؤكدة ثم قراءة السورة .

التالي السابق


(وأما السنن من الأذكار فدعاء الاستفتاح) عقب التحرم ولو للنفل، وهو عند الشافعي -رضي الله عنه-: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، إلى قوله: وأنا من المسلمين". وعند أبي حنيفة : "سبحانك اللهم وبحمدك"، إلخ، وقد وردت أخبار في دعاء الاستفتاح تقدم ذكرها .

قال الخطيب: وظاهر كلام الأصحاب أنه لا فرق في التعبير بقوله: حنيفا ومن المشركين [ ص: 104 ] ومن المسلمين بين الرجل والمرأة، وهو صحيح على إرادة الأشخاص، فتأتي بهما المرأة لذلك على أنهما حالان من الوجه، والمراد بالوجه ذات الإنسان وجملة بدنه، ولا يصح كونهما حالا من ياء الضمير في وجهي؛ لأنه كان يلزم التأنيث (ثم التعوذ) قبل القراءة في كل ركعة، ويحصل بكل ما اشتمل عليه، وأفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسن الإسرار به وبدعاء الاستفتاح، ولا يستحبان للمسبوق إذا خاف ركوع الإمام قبل فراغه من الفاتحة .

وفي المذهب قول ثان أنه يتعوذ في الأول فقط صرح به الرافعي .

قلت: وبه أخذ أبو حنيفة، وإنما أتى بثم لأجل مراعاة الترتيب، (ثم قوله آمين) عقب الفاتحة سواء كان في صلاة أم لا، وذلك بعد سكتة لطيفة، وهو في الصلاة أشد استحبابا، ولا يفوت التأمين إلا بالشروع في غيره على الأصح كما في المجموع، وقيل: بالركوع (فإنه سنة مؤكدة) لما روى البخاري عن أبي هريرة رفعه: "إذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه". ويجهر المأموم في الجهرية تبعا لإمامه في الأظهر، ويستحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده، (ثم قراءة السورة) بعد الفاتحة، ولو كانت الصلاة سرية للإمام والمنفرد إلا في الثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من الرباعية في الأظهر، وإنما لم تجب السورة لما رواه الحاكم وصححه: أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها عوضا منها، وخرج بقوله بعد الفاتحة: ما لو قرأها قبلها أو كرر الفاتحة، فإنه لا يجزئه؛ لأنه خلاف السنة، نعم، لو لم يحسن غيرها، وأعادها يتجه الإجزاء، قاله الأذرعي ويحمل كلامهم على الغالب، ويحصل أصل السنة بقراءة شيء من القرآن ولو آية، والأولى ثلاث آيات ليكون قدر أقصر سورة ولا سورة للمأموم في جهرية، بل يسمع لقراءة إمامه، فإن بعد أو كان به صمم أو سمع صوتا لا يفهمه، أو كانت سرية، قرأ في الأصح إذ لا معنى لسكوته حينئذ .




الخدمات العلمية