وسخاوة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله أشهر من أن تحكى ورأس الزهد السخاء لأن من أحب شيئا أمسكه ولم يفارق المال إلا من صغرت الدنيا في عينه وهو معنى الزهد .
ويدل على قوة زهده وشدة خوفه من الله تعالى واشتغال همته بالآخرة ، ما روي أنه روى
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة حديثا في الرقائق فغشي على
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فقيل له قد مات فقال إن مات فقد مات أفضل زمانه .
وما روى
عبد الله بن محمد البلوي قال : كنت أنا
وعمر بن نباتة جلوسا نتذاكر العباد والزهاد فقال لي عمر : ما رأيت أورع ولا أفصح من
محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه ، خرجت أنا وهو
والحارث بن لبيد إلى الصفا وكان
الحارث تلميذ
الصالح المري فافتتح يقرأ وكان حسن الصوت فقرأ هذه الآية عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=35هذا يوم لا ينطقون nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=36ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، فرأيت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله وقد تغير لونه واقشعر جلده واضطرب اضطرابا شديدا وخر مغشيا عليه فلما أفاق جعل يقول : أعوذ بك من مقام الكاذبين وإعراض الغافلين اللهم لك خضعت قلوب العارفين وذلت لك رقاب المشتاقين إلهي هب لي جودك وجللني بسترك واعف عن تقصيري بكرم وجهك .
قال ثم مشى وانصرفنا فلما دخلت بغداد وكان هو بالعراق فقعدت على الشط أتوضأ للصلاة إذ مر بي رجل فقال لي : يا غلام ، أحسن وضوءك أحسن الله إليك في الدنيا والآخرة فالتفت فإذا أنا برجل يتبعه جماعة فأسرعت في وضوئي وجعلت أقفو أثره فالتفت إلي فقال : هل لك من حاجة فقلت ؟ : نعم تعلمني مما علمك الله شيئا فقال لي اعلم أن من صدق الله نجا ومن أشفق على دينه سلم من الردى ومن زهد في الدنيا قرت عيناه مما يراه من ثواب الله تعالى غدا أفلا أزيدك ؟ قلت : نعم ، قال : من كان فيه ثلاث خصال فقد استكمل الإيمان : من أمر بالمعروف وائتمر ونهى عن المنكر وانتهى وحافظ على حدود الله تعالى ألا أزيدك ؟ قلت بلى فقال : كن في الدنيا زاهدا وفي الآخرة راغبا واصدق الله تعالى في جميع أمورك تنج مع الناجين ثم مضى فسألت من هذا ؟ فقالوا : هو
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فانظر إلى سقوطه مغشيا عليه ثم إلى وعظه كيف يدل ذلك على زهده وغاية خوفه ولا يحصل هذا الخوف والزهد إلا من معرفة الله عز وجل فإنه إنما يخشى الله من عباده العلماء ولم يستفد
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله هذا الخوف والزهد من علم كتاب السلم والإجارة وسائر كتب الفقه بل هو من علوم الآخرة المستخرجة من القرآن والأخبار إذ حكم الأولين والآخرين مودعة فيهما .
وأما كونه عالما بأسرار القلب وعلوم الآخرة فتعرفه من الحكم المأثورة عنه روي أنه سئل عن الرياء فقال على البديهة :
nindex.php?page=treesubj&link=18691الرياء فتنة عقدها الهوى حيال أبصار قلوب العلماء فنظروا إليها بسوء اختيار النفوس فأحبطت أعمالهم .
وَسَخَاوَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُحْكَى وَرَأْسُ الزُّهْدِ السَّخَاءُ لِأَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَمْسَكَهُ وَلَمْ يُفَارِقِ الْمَالَ إِلَّا مَنْ صَغُرَتِ الدُّنْيَا فِي عَيْنِهِ وَهُوَ مَعْنَى الزُّهْدِ .
وَيَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ زُهْدِهِ وَشِدَّةِ خَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاشْتِغَالِ هِمَّتِهِ بِالْآخِرَةِ ، مَا رُوِيَ أَنَّهُ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ حَدِيثًا فِي الرَّقَائِقِ فَغُشِيَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فَقِيلَ لَهُ قَدْ مَاتَ فَقَالَ إِنْ مَاتَ فَقَدْ مَاتَ أَفْضَلُ زَمَانِهِ .
وَمَا رَوَى
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ قَالَ : كُنْتُ أَنَا
وَعُمَرُ بْنُ نَبَاتَةَ جُلُوسًا نَتَذَاكَرُ الْعِبَادَ وَالزُّهَّادَ فَقَالَ لِي عُمَرُ : مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ وَلَا أَفْصَحَ مِنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، خَرَجْتُ أَنَا وَهُوَ
وَالْحَارِثُ بْنُ لَبِيَدٍ إِلَى الصَّفَا وَكَانَ
الْحَارِثُ تِلْمِيذَ
الصَّالِحِ الْمُرِّيِّ فَافْتَتَحَ يَقْرَأُ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=35هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=36وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ، فَرَأَيْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَاقْشَعَرَّ جِلْدُهُ وَاضْطَرَبَ اضْطِرَابًا شَدِيدًا وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ جَعَلَ يَقُولُ : أَعُوذُ بِكَ مِنْ مَقَامِ الْكَاذِبِينَ وَإِعْرَاضِ الْغَافِلِينَ اللَّهُمَّ لَكَ خَضَعَتْ قُلُوبُ الْعَارِفِينَ وَذَلَّتْ لَكَ رِقَابُ الْمُشْتَاقِينَ إِلَهِي هَبْ لِي جُودَكَ وَجَلِّلْنِي بِسَتْرِكَ وَاعْفُ عَنْ تَقْصِيرِي بِكَرَمِ وَجْهِكَ .
قَالَ ثُمَّ مَشَى وَانْصَرَفْنَا فَلَمَّا دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَكَانَ هُوَ بِالْعِرَاقِ فَقَعَدْتُ عَلَى الشَّطِّ أَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ إِذْ مَرَّ بِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي : يَا غُلَامُ ، أَحْسِنْ وُضُوءَكَ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بَرْجَلٍ يَتْبَعُهُ جَمَاعَةٌ فَأَسْرَعْتُ فِي وُضُوئِي وَجَعَلْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فَقُلْتُ ؟ : نَعَمْ تُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلِمَكَ اللَّهُ شَيْئًا فَقَالَ لِي اعْلَمْ أَنَّ مَنْ صَدَقَ اللَّهَ نَجَا وَمَنْ أَشْفَقَ عَلَى دِينِهِ سَلِمَ مِنَ الرَّدَى وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا قَرَّتْ عَيْنَاهُ مِمَّا يَرَاهُ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى غَدًا أَفَلَا أَزِيدُكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : مَنْ كَانَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ : مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَائْتَمَرَ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَانْتَهَى وَحَافَظَ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى أَلَا أَزِيدُكَ ؟ قُلْتُ بَلَى فَقَالَ : كُنْ فِي الدُّنْيَا زَاهِدًا وَفِي الْآخِرَةِ رَاغِبًا وَاصْدُقِ اللَّهَ تَعَالَى فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ تَنْجُ مَعَ النَّاجِينَ ثُمَّ مَضَى فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا : هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فَانْظُرْ إِلَى سُقُوطِهِ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ثُمَّ إِلَى وَعْظِهِ كَيْفَ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى زُهْدِهِ وَغَايَةِ خَوْفِهِ وَلَا يُحَصَّلُ هَذَا الْخَوْفَ وَالزُّهْدَ إِلَّا مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ وَلَمْ يَسْتَفِدِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا الْخَوْفَ وَالزُّهْدَ مِنْ عِلْمِ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَسَائِرِ كُتُبِ الْفِقْهِ بَلِ هُوَ مِنْ عُلُومِ الْآخِرَةِ الْمُسْتَخْرَجَةِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْأَخْبَارِ إِذْ حِكَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ مُودَعَةٌ فِيهِمَا .
وَأَمَّا كَوْنُهُ عَالِمًا بِأَسْرَارِ الْقَلْبِ وَعُلُومِ الْآخِرَةِ فَتَعْرِفُهُ مِنَ الْحِكَمِ الْمَأْثُورَةِ عَنْهُ رُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرِّيَاءِ فَقَالَ عَلَى الْبَدِيهَةِ :
nindex.php?page=treesubj&link=18691الرِّيَاءُ فِتْنَةٌ عَقَدَهَا الْهَوَى حِيَالَ أَبْصَارِ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ فَنَظَرُوا إِلَيْهَا بِسُوءِ اخْتِيَارِ النُّفُوسِ فَأَحْبَطَتْ أَعْمَالَهُمْ .