الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ثم يقرأ السورة أو قدر ثلاث آيات من القرآن فما فوقها .

التالي السابق


ثم أشار المصنف إلى الثانية من اللاحقتين بقوله: (ثم يقرأ السورة) الإمام والمنفرد في ركعتي الصبح والأوليين من سائر الصلوات، وأصل الاستحباب يتأدى بقراءة شيء من القرآن، لكن قراءة السور أحب، حتى أن السورة القصيرة أولى من بعض سورة طويلة، وروى القاضي الروياني عن أحمد أنه يجب عنده قراءة شيء من القرآن، (أو قدر ثلاث آيات من القرآن فما فوقه) ؛ليكون قدر أقصر سورة، وإنما كانت السور أحب؛ لأن الابتداء والوقف على آخرها صحيحان بالقطع، بخلافهما في بعض السور، فإنهما يخفيان، ومحله في غير التراويح، كما أفتى به ابن عبد السلام وغيره، ويستنبط من قوله "ثم يقرأ" ما ذكره النووي في "الروضة": لو قرأ السورة ثم قرأ الفاتحة لم تحسب السورة على المذهب والمنصوص، وذكر إمام الحرمين والشيخ نصر المقدسي في الاعتداد بها وجهين اهـ .

وفي "المنهاج" له: ولا سورة للمأموم أي: في جهرية، بل يستمع، فإن بعد أو كانت سرية قرأ في الأصح، قال الخطيب: إذ لا معنى لسكوته، أما إذا جهر الإمام في السرية، فإن المأموم يستمع لقراءته كما صرح به في "المجموع" اعتبارا لفعل الإمام، وصحح الرافعي في "الشرح الصغير" اعتبار المشروع في الفاتحة، فعلى هذا يقرأ المأموم في السرية مطلقا، ولا يقرأ في الجهرية مطلقا، ومقابل الأصح: لا يقرأ مطلقا لإطلاق النهي. قال الرافعي : وهل يسن قراءة السورة في الثالثة من المغرب وفي الثالثة والرابعة من الرباعيات؟ فيه قولان، الجديد أنها تسن، لكن يجعل السورة فيها أقصر، والقديم -وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد - أنه لا يسن اهـ .



(تنبيه) :

قال أبو جعفر القدوري -من أئمتنا-: إن الصحيح من مذهب أبي حنيفة أن ما يتناوله اسم القرآن يجوز، وهو قول ابن عباس فإنه قال: اقرأ ما معك من القرآن، فليس شيء من القرآن بقليل، وهذا أقرب إلى القواعد الشرعية، فإن المطلق ينصرف إلى الأدنى على ما عرف، قاله الزيلعي. ونظر فيه بعضهم بأن المطلق ينصرف إلى الكامل في الماهية، وقال أبو يوسف ومحمد: الفرض قراءة آية طويلة أو ثلاث آيات قصار تعدل آية طويلة، وهو رواية عن أبي حنيفة؛ لأن قارئ ما دون ذلك لا يعد قارئا، فشرطت الآية الطويلة أو ثلاث قصار تحصيلا لوصف القراءة احتياطا، وإذا قرأ نصف آية طويلة في ركعة والنصف الآخر في الأخرى، فعامة المشايخ على الجواز، ولو قرأ نصف آية مرتين أو كلمة واحدة مرارا حتى بلغ قدر آية تامة، فإنه لا يجوز، ومن لا يحسن الآية لا يلزمه التكرار في ركعة، فيقرؤها في الركعة الثانية مرة أيضا عند أبي حنيفة، وعندهما يلزمه التكرار ثلاث مرات، أي: في كل ركعة، ومن يحسن ثلاث آيات إذا كرر واحدة ثلاثا لا يتأدى به الفرض عندهما، كما في "المجتبى"، وقال ابن أمير حاج: مسألة القرآن في الفريضة الرباعية مخمسة، أي: على خمسة أقوال، فقيل: سنة وهو المنقول عن جماعة من السلف، وقيل: فرض في ركعة واحدة وهو قول الحسن البصري وزفر منا والمغيرة من المالكية، وقيل: في ركعتين على الخلاف فيها، وهو قول علمائنا الثلاثة، وقيل: في ثلاث وهو رواية عن مالك، حكاها ابن قدامة وغيره، وقيل: في الأربع، وهو قول الشافعي وأحمد، وهو رواية عن مالك، قال صاحب "التلقين" منهم: وهو الصحيح من المذهب، وفي ذخيرتهم للقرافي، وهو رأي العراقيين خلاف ظاهر المدونة اهـ .




الخدمات العلمية