الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فضيلة الجماعة .

قال صلى الله عليه وسلم : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة .

التالي السابق


(فضيلة الجماعة) :

قال الشيخ قطب الدين القسطلاني في شرح "عمدة الأحكام": لمشروعية الجماعة حكمة ذكرها في مقاصد الصلاة، منها: قيام نظام الألفة بين المصلين، ولذا شرعت المساجد في المحال ليحصل التعاهد باللقاء في أوقات الصلوات بين الجيران، (قال صلى الله عليه وسلم: صلاة الجمع) ، وعند البخاري : "الجميع" .

وفي رواية: "الجماعة" وهم العدد من الناس يجتمعون (تفضل) ، بفتح أوله وسكون الفاء وضم الضاد، (صلاة الفذ) ، أي: الفرد، أي: تزيد على صلاة المنفرد (بسبع وعشرين درجة) أي: مرتبة، كأن الصلاتين انتهتا إلى مرتبة من الثواب، فوقفت صلاة الفذ عندها، وتجاوزتها صلاة الجماعة بسبع وعشرين ضعفا، وسر التقييد بالعدد لا يوقف عليه إلا بنور النبوة، والاحتمالات في هذا المقام كثيرة منها: أن الفروض خمسة، فأريد التكثير عليها بتضعيفها بعدد نفسها مبالغة فيها، ولا ينافيه اختلاف العدد في ذكر الروايات؛ لأن القليل لا ينفي الكثير، أو أنه أعلم بالقليل ثم بالكثير، وهو يختلف باختلاف المصلين هيئة وخشوعا وكثرة جماعة وغيرها، أخرجه مالك وأحمد والشيخان في الصلاة، والترمذي والنسائي عن ابن عمر ، وأخرج أحمد أيضا [ ص: 14 ] والبخاري وابن ماجه من حديث أبي سعيد: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة".

وأخرج مسلم عن أبي هريرة: "صلاة الجماعة تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ". وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة: "صلاة الرجل في جماعة" .

وفي رواية: "في الجماعة تزيد"، وفي رواية البخاري : "تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين درجة". وفي رواية: "ضعفا" ووقع في الصحيحين: "خمس وعشرين" بالخفض بتقدير الباء، الحديث، وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن حبان ، والحاكم عن أبي سعيد: "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده خمسا وعشرين درجة، فإذا صلاها بأرض فلاة، فأتم وضوءها وركوعها وسجودها بلغت صلاته خمسين درجة".

وأخرج ابن ماجه من حديث زريق الألهاني عن أنس : "صلاة الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه الناس بخمسمائة صلاة". الحديث، قال الحافظ: سنده ضعيف، ومذهب الشافعي كما في "المجموع" أن من صلى في عشرة فله خمس أو سبع وعشرون درجة، وكذا من صلى مع اثنين، لكن صلاة الأول أكمل .



(تنبيه) :

قال القاضي: والحديث دليل على أن الجماعة غير شرط للصلاة، وإلا لم تكن صلاة الفذ ذات درجة حتى تفضل عليها صلاة الجماعة بدرجات، والتمسك به على عدم وجوبها ضعيف؛ إذ لا يلزم من عدم اشتراطها عدم وجوبها، ولا من جعلها سببا لإحراز الفضل الوجوب، فإن الواجب أيضا يوجب الفضل، والله أعلم .




الخدمات العلمية