الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الرابع نتف بياضها استنكافا من الشيب وقد نهى عليه السلام عن نتف الشيب ، وقال : هو نور المؤمن وهو في معنى الخضاب بالسواد وعلة الكراهية ما سبق والشيب نور الله تعالى والرغبة عنه رغبة عن النور .

التالي السابق


(الرابع نتف بياضها استنكافا من الشيب) ورغبة عنه (وقد نهى عليه السلام عن نتف الشيب ، وقال : هو نور المؤمن ) قال العراقي : أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده اهـ. قلت : وعند المنذري ، وقال : إنه نور المسلم ، وعند أبي داود من حديثه بلفظ : لا تنقوا الشيب ، فإنه نور يوم القيامة ، وفي رواية له ، فإنه نور المؤمن ، وأخرج البيهقي من هذه الرواية الشيب نور المؤمن لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة ورفع بها درجة ، وفي إسناده الوليد بن كثير أورده الذهبي في الضعفاء ، وروى ابن عساكر من حديث أنس الشيب نور من خلع الشيب فقد خلع نور الإسلام ، وإنما جعل الشيب نور المؤمن ؛ لأنه يمنعه عن الغرور والخفة والطيش ويميله إلى الطاعة ويحبس نفسه عن الشهوات وكل ذلك موجب للثواب يوم المآب ، وفي الحديث الآخر من خلع الشيب يعني أزاله بنحو نتف أو غيره وإليه أشار المصنف بقوله : (وهو في معنى الخضاب بالسواد) في إظهار الجلد وأنه شاب قوي تدليسا (وعلة الكراهية ما سبق) ، واختلف أهل النهي للتحريم ، واختاره النووي لثبوت الزجر عنه في عدة أخبار وبعضهم أطلق الكراهة ومقتضى سياق المصنف التحريم ؛ لأنه جعله في معنى الخضاب بالسواد (والشيب نور الله) قد تقدم من حديث أنس الشيب نور والنتف في الحديث أعم من أن يكون في اللحية أو من الرأس ؛ لأنه نور ووقار (والرغبة عنه رغبة عن النور) وميل إلى الخلود في دار الغرور .



(تنبيه)

ذكر السيوطي في الأوليات أن أول من شاب إبراهيم عليه السلام ، وفي الإسرائيليات أن إبراهيم عليه السلام لما رجع من تقرب ولده إلى ربه رأت سارة في لحيته شعرة بيضاء فأنكرتها وأرته إياها فتأملها فأعجبته وكرهتها وطالبته بإزالتها فأبى وأتاه ملك فقال : السلام عليك يا إبراهيم ، وكان اسمه أبرم فزاد في اسمه هاء والهاء في السريانية للتفخيم والتعظيم ففرح ، وقال : إنك إلهي وإله كل شيء قال له الملك : إن الله صيرك معظما في أهل السموات وأهل الأرض .




الخدمات العلمية