الثالث استعجالا لإظهار علو السن توصلا إلى التوقير وقبول الشهادة والتصديق بالرواية عن الشيوخ وترفعا عن الشباب وإظهارا لكثرة العلم ظنا بأن كثرة الأيام تعطيه فضلا وهيهات فلا يزيد كبر السن للجاهل إلا جهلا فالعلم ثمرة العقل وهي غريزة ولا يؤثر الشيب فيها ومن كانت غريزته الحمق فطول المدة يؤكد حماقته وقد كان الشيوخ يقدمون الشباب بالعلم . تبييضها بالكبريت
كان رضي الله عنه يقدم ابن عباس ، وهو حديث السن على أكابر الصحابة ويسأله دونهم . عمر بن الخطاب
وقال رضي الله عنهما ما آتى الله عز وجل عبدا علما إلا شابا والخير كله في الشباب ، ثم تلا قوله عز وجل : ابن عباس قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ، وقوله تعالى إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ، وقوله تعالى : وآتيناه الحكم صبيا وكان رضي الله عنه يقول : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء فقيل له : يا أنس أبا حمزة فقد أسن فقال : لم يشنه الله بالشيب فقيل : أهو شين فقال ؟ : كلكم يكرهه ويقال : إن يحيى بن أكثم ولي القضاء وهو ابن إحدى وعشرين سنة فقال له رجل في مجلسه يريد أن يخجله بصغر سنه كم سن القاضي أيده الله فقال مثل سن عتاب بن أسيد حين ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إمارة مكة وقضاءها فأفحمه وروي عن رحمه الله أنه قال : قرأت في بعض الكتب لا تغرنكم اللحى ، فإن التيس له لحية وقال مالك إذا رأيت الرجل طويل القامة صغير الهامة عريض اللحية فاقض عليه بالحمق ولو كان أمية بن عبد شمس وقال أيوب السختياني أدركت الشيخ ابن ثمانين سنة يتبع الغلام يتعلم منه . أبو عمرو بن العلاء
وقال علي بن الحسين من سبق فيه العلم قبلك فهو إمامك فيه ، وإن كان أصغر سنا منك وقيل لأبي عمرو بن العلاء أيحسن من الشيخ أن يتعلم من الصغير فقال : إن كان الجهل يقبح به فالتعلم يحسن به وقال يحيى بن معين وقد رآه يمشي خلف بغلة لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله تركت حديث سفيان بعلوه وتمشي خلف بغلة هذا الفتى وتسمع منه فقال له الشافعي : لو عرفت ، لكنت تمشي من الجانب الآخر إن علم أحمد سفيان إن فاتني بعلو أدركته بنزول وإن عقل هذا الشاب إن فاتني لم أدركه بعلو ولا نزول .