الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وأما القسم الثاني وهو علم المعاملة فهو علم أحوال القلب أما ما يحمد منها فكالصبر والشكر والخوف والرجاء والرضا والزهد والتقوى والقناعة والسخاء ومعرفة المنة لله تعالى في جميع الأحوال والإحسان وحسن الظن وحسن الخلق وحسن المعاشرة والصدق والإخلاص فمعرفة حقائق هذه الأحوال وحدودها وأسبابها التي بها تكتسب وثمرتها وعلامتها ومعالجة ما ضعف منها حتى يقوى وما زال حتى يعود من علم الآخرة .

وأما ما يذم فخوف الفقر وسخط المقدور والغل والحقد والحسد والغش وطلب العلو وحب الثناء وحب طول البقاء في الدنيا للتمتع والكبر والرياء والغضب والأنفة والعداوة والبغضاء والطمع والبخل والرغبة والبذخ والأشر والبطر وتعظيم الأغنياء والاستهانة بالفقراء والفخر والخيلاء والتنافس والمباهاة والاستكبار عن الحق والخوض فيما لا يعني وحب كثرة الكلام والصلف والتزين للخلق والمداهنة والعجب والاشتغال عن عيوب النفس بعيوب الناس وزوال الحزن من القلب وخروج الخشية منه وشدة الانتصار للنفس إذا نالها الذل وضعف الانتصار للحق واتخاذ إخوان العلانية على عداوة السر والأمن من مكر الله سبحانه وتعالى في سلب ما أعطى والاتكال على الطاعة والمكر والخيانة والمخادعة وطول الأمل والقسوة والفظاظة والفرح بالدنيا والأسف على فواتها والأنس بالمخلوقين والوحشة لفراقهم والجفاء والطيش والعجلة وقلة الحياء وقلة الرحمة فهذه وأمثالها من صفات القلب مغارس الفواحش ومنابت الأعمال المحظورة .

وأضدادها وهي الأخلاق المحمودة منبع الطاعات والقربات فالعلم بحدود هذه الأمور وحقائقها وأسبابها وثمراتها وعلاجها هو علم الآخرة وهو فرض عين في فتوى علماء الآخرة فالمعرض عنها هالك بسطوة ملك الملوك في الآخرة كما أن المعرض عن الأعمال الظاهرة هالك بسيف سلاطين الدنيا بحكم فتوى فقهاء الدنيا فنظر الفقهاء في فروض العين بالإضافة إلى صلاح الدنيا وهذا بالإضافة إلى صلاح الآخرة ولو سئل فقيه عن معنى من هذه المعاني حتى عن الإخلاص مثلا أو عن التوكل أو عن وجه الاحتراز عن الرياء لتوقف فيه مع أنه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه في الآخرة ولو سألته عن اللعان والظهار والسبق والرمي لسرد عليك مجلدات من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج إلى شيء منها وإن احتيج لم تخل البلد عمن يقوم بها ويكفيه مؤنة التعب فيها فلا يزال يتعب فيها ليلا ونهارا وفي حفظه ودرسه يغفل عما هو مهم في نفسه في الدين وإذا روجع فيه قال اشتغلت به لأنه علم الدين وفرض الكفاية ويلبس على نفسه وعلى غيره في تعلمه والفطن يعلم أنه لو كان غرضه أداء حق الأمر في فرض الكفاية لقدم عليه فرض العين بل قدم عليه كثيرا من فروض الكفايات فكم من بلدة ليس فيها طبيب إلا من أهل الذمة ولا يجوز قبول شهادتهم فيما يتعلق بالأطباء من أحكام الفقه ثم لا نرى أحدا يشتغل به ويتهاترون على علم الفقه لا سيما الخلافيات والجدليات والبلد مشحون من الفقهاء بمن يشتغل بالفتوى والجواب عن الوقائع فليت شعري كيف يرخص فقهاء الدين في الاشتغال بفرض كفاية قد قام به جماعة وإهمال ما لا قائم به هل لهذا سبب إلا أن الطب ليس يتيسر الوصول به إلى تولي الأوقاف والوصايا وحيازة مال الأيتام وتقلد القضاء والحكومة والتقدم به على الأقران والتسلط به على الأعداء هيهات هيهات قد اندرس علم الدين بتلبيس العلماء السوء فالله تعالى المستعان وإليه الملاذ في أن يعيذنا من هذا الغرور الذي يسخط الرحمن ويضحك الشيطان

التالي السابق


(وأما القسم الثاني وهو علم المعاملة) فهو علم أحوال القلب مما يحمد منها ويذم، قد سبق إن العلم منه المحمود والمذموم، والمأمور بطلبه من العلوم قسمان: علم بالله، وعلم بأحكام الله، ثم أحكام المكلفين على ضربين: ظاهر وباطن، والباطن على قسمين: مكاشفة ومعاملة، فلما فرغ من بيان علم المكاشفة شرع في بيان علم المعاملة، وقسمه كذلك على قسمين: محمود ومذموم، وذلك لأن علم المعاملة عبارة عن علم بالنفوس ومراتبها وتمامها ونقصها ومحاسنها ومعايبها ولأجل هذا قال تعالى: وفي أنفسكم أفلا تبصرون ، وكانت أحكام النفوس منحصرة في وصفين: إما إزالة النقص أو تحصيل الكمال، فالأول: داخل في المذموم نظرا إلى تلك الأوصاف التي أمر بإزالتها، والثاني: هو المحمود .

وقدم المصنف ما يحمد منها الذي يحصل به الكمال على ما يذم؛ نظرا إلى ظاهر الأوصاف ولشرفها، وإلا فكان اللائق تقديم ما عنه يتخلى السالك على ما به يتحلى فقال: (أما ما يحمد منها) أي يستحق الثناء على الاتصاف بها وبه تحصيل كمال كل سالك (فكالصبر والفكر) وفي نسخة: والشكر بدل الفكر (والخوف والرجاء والرضا والزهد والتقوى والقناعة والسخاء ومعرفة المنة لله تعالى في جميع الأحوال والإحسان) وفي نسخة: والإحساس، بدل والإحسان (وحسن الظن وحسن الخلق وحسن المعاشرة والصدق والإخلاص) وهي ستة عشر، ولكل من ذلك مراتب وأقسام يأتي تفصيلها وبيانها في مواضعها، ويلحق بها أيضا مثل: مجاهدة النفس والورع واليقين والتوكل والتفويض والتسليم والاحتساب في الأعمال وسلامة الصدر والمبادرة للأمر والمراقبة والمحاسبة وحسن الطاعة لله تعالى وحسن المعرفة بالله تعالى، فهذه وأشباهها داخلة في حد المحمود من علم المعاملة قال: (فمعرفة حقائق هذه الأحوال وحدودها) التي تتميز بها عن غيرها (وأسبابها) الظاهرة والباطنة (التي بها تكتسب) وتحصل (و) معرفة (ثمراتها) الحاصلة منها (و) معرفة (علاماتها) الدالة عليها (و) معرفة طرق (معالجة ما ضعف منها) بحسب ضعف السالك (حتى يقوى) ذلك الحال (وما زال) كذلك (حتى يعود من علم الآخرة، وأما ما يذم) منها ويسترذل عند أهل الحق (فخوف الفقر) ومنشؤه عدم اليقين بالله -عز وجل- (وسخط المقدور) ومنشؤه عدم التحلي بمقام الرضا (والغل) هو تدرع الخيانة (والحقد) هو الانطواء على العداوة (والحسد) تمني زوال نعمة الغير (والغش) عدم الإمحاض في النصيحة (وطلب العلو) والارتفاع والتمييز عن الإخوان (وحب الثناء) لنفسه (وحب طول البقاء في الدنيا للتمتع) بها والاشتغال بشهواتها ولذاتها (والكبر) على إخوانه في سائر أحواله (والرياء) في الأحوال والأفعال والأقوال (والغضب) هو ثوران دم القلب إرادة الانتقام (والأنفة) محركة، هي الحمية بغير الحق (والعداوة) لأجل أمور الدنيا (والبغضاء) [ ص: 168 ] هو نفار النفس عن الشيء الذي يرغب عنه (والطمع) نزوع النفس إلى الشيء شهوة له (والبخل) وهو إمساك المال عن مستحقيه (والرغبة) هي السعة في الإرادة وقد تطلق على الحرص والشدة (والبذخ) محركة، هو التطاول بالكلام والافتخار (والأشر) محركة، هو كفر النعمة (وتعظيم الأغنياء) لأجل غناهم (والاستهانة) أي: الإذلال (بالفقراء) لأجل فقرهم (والفخر) بالأحساب والأنساب (والخيلاء) بضم ففتح ممدودا، هو التكبر عن تخيل فضيلة تتراءى للإنسان في ضمير نفسه (والتنافس) هو التعالي وقد يكون محمودا فيراد به مجاهدة النفس للتشبه بالأفاضل من غير إدخال ضرر على غيره ويسمى حينئذ المنافسة (والمباهاة) أي: المفاخرة بما عنده من المال أو العلم والجاه (والاستكبار) أي: التأنف (عن) قبول (الحق) منشؤه من الإعجاب .

(والخوض فيما لا يعني) أي لا يكون مقصودا مهتما بشأنه (وحب كثرة الكلام) في المجالس (والصلف) محركة هو التيه (والتزين للخلق) أي: لأجل إرادتهم سواء كان في العادات أو العبادات (والمداهنة) أي: الملاينة (والعجب) بالضم؛ تصور استحقاق رتبة لا يكون مستحقا لها (والاشتغال عن عيوبه بعيوب الناس) ومنشؤه الغفلة والإعجاب (وزوال الحزن من القلب) ومنشؤه من عدم الاهتمام بأمور الآخرة (وخروج الخشية منه) ومنشؤه من عدم التقوى (وشدة الانتصار للنفس إذا نالها الذل) من أحد، وهو الانتصاف وإرادة الانتقام (وضعف الانتصار للحق) وعدم المبالاة به (واتخاذ إخوان العلانية على عداوة السر) أي: الباطن (والأمن من مكر الله في سلب ما أعطى) من نعمة ظاهرة أو باطنة، والمكر من جانب الحق هو إرداف النعم مع المخالفة، وإبقاء الحال مع سوء الأدب، والاتكال على الطاعة ومنشؤه من غرور النفس (والمكر) هو إعمال الحيلة في هدم بناء باهر (والخيانة) هي مخالفة الحق بنقض العهد في السر (والمخادعة) هو إظهار خلاف ما أبطنه (وطول الأمل) في توقع حصول الشيء والأمل يستعمل فيما يستبعد حصوله بخلاف الطمع والرجاء بينهما (والقسوة والفظاظة) هما مترادفان بمعنى غلظة القلب (والفرح بالدنيا) وأحوالها مع الركون إليها (والأسف) محركة أي: التحسر (على فواتها) وعدم إدراكها (والأنس بالمخلوقين) ويدخل فيه عشق الصور الملاح ومنشؤه الغفلة (والحجاب والوحشة لفراقهم) وهو من لازم الأنس بهم فإن من أنس بشيء استوحش عند فراقه .

(والجفاء) هو ترك الرفق في الأمور (والطيش) هو الخفة (والعجلة) أي في الأمور المذمومة (وقلة الحياء) ومنشؤها من ضعف الإيمان (وقلة الرحمة) ومنشؤها من قساوة القلب (فهذه) سبعة وخمسون حالا في إزالتها عن القلب تحصيل عين الكمال (وأمثالها) من الحرص والقحة وسوء الخلق واتباع الهوى والركون إلى الدنيا والتجبر والظلم والعناد والبغي وغمض الحق والغيبة والنميمة وطلب المغالبة بالباطل والإنكار على أهل الله والاعتراض في المقادير، وغير ذلك مما سيأتي شرحه في ربع المهلكات (من صفات القلب) وأحواله التي تعتريه وتعرضه (مغارس الفواحش) أي: بسببها تنبت فيه الفواحش أو القبائح، وكل شيء جاوز الحد فهو فاحش، والمغارس جمع: مغرس على القياس أو جمع غرس (ومنابت الأعمال المحظورة) أي: الممنوعة شرعا (وأضدادها وهي الأخلاق المحمودة) شرعا (منابع الطاعات والقربات) وفي تخصيص المغارس والمنابت بالأخلاق المذمومة والمنابع لأضدادها حسن لا يخفى على المتأمل .

(فالعلم بحدود هذه الأمور و) معرفة (حقائقها وأسبابها وثمرتها وعلاجها) ولم يذكر العلاقات اكتفاء أو لوضوحها بخلاف الأحوال المحمودة (هو علم الآخرة) المأمور بمحافظته (وهو فرض عين في فتوى علماء الآخرة) لا يتكلمون إلا فيها وإذا أشكل في شيء منها يبادرون في تفسيرها (فالمعرض عنها) إلى غيرها (هالك بسطوة مالك الملك) وفي نسخة: الملوك وفي أخرى ملك الملوك (في الآخرة كما أن المعرض عن الأعمال الظاهرة) من صلاة وصيام وحج وزكاة (هالك بسيف سلاطين الدنيا) إذا أنكر شيئا [ ص: 169 ] منها (بحكم فتوى فقهاء الدنيا فنظر الفقهاء في فروض العين بالإضافة إلى صلاح) أمور (الدنيا) ونظامها على جهة الاستدلال والسوية (و) النظر (في هذا بالإضافة إلى صلاح أمور الآخرة) وانتظامها (ولو سئل فقيه عن معنى من هذه المعاني) المذكورة (حتى عن الإخلاص مثلا) الذي هو شرط في الأعمال ويتعلق غرضهم به في الأغلب وهو أول أحوال فقيه الآخرة وآخر أحوال فقيه الدنيا (أو عن التوكل) الذي هو من الأمور الظواهر عندهم (أو عن وجه الاحتراز عن الرياء) في الأعمال (لتوقف فيه) عن الخوض (مع أنه فرض عينه الذي في إهماله وتركه هلاكه في الآخرة ولو سألته عن) مسألة في (اللعان والظهار) والسلم والإجارة والشفعة (والسبق والرمي) وما أشبه ذلك (لرد عليك) أي: إملاء من حفظه ما يكون (مجلدات) إن جمع (من التفريعات) الغريبة (الدقيقة) بحيث تحير العقول (التي تنقضي الدهور) وتمر الإعصار (ولا يحتاج إلى شيء منه) لأنها لم تقع (وإن احتيج) إليها بفرض الوقوع (لم يخل البلد عمن يقوم بها) ويحررها (ويكفيه مؤنة) أي: مشقة (التعب فيها) بالتحرير والنقل .

وأخرج أبو نعيم في الحلية من رواية ابن وهب، قال: أخبرني موسى بن علي أنه سأل ابن شهاب عن شيء فقال: ما سمعت فيه بشيء، وما نزل بنا، قلت: إنه قد نزل ببعض إخوانك فقال: ما سمعت فيه بشيء، وما نزل بنا وما أنا بقائل فيه شيئا اهـ .

فهذا كله كان تحرز السلف في عدم الجواب لما لم يقع بهم (فلا يزال يتعب فيها) أي في تلك التفريعات الغريبة وفي نسخة: فيه (ليلا ونهارا و) يدأب (في حفظه) على الغيب (ودرسه) وتكراره (ويغفل عما هو مهم نفسه في الدين) ومقصود لذاته فيه (وإذا روجع فيه) بالإنكار عليه فيما هو عليه (قال) في الجواب (اشتغلت به) كما ترى (لأنه من) مسائل الفقه وهو (علم الدين) المتفق عليه في ذلك (وفرض على الكفاية ويلبس) في جوابه أي: يغطي ويشبه (على نفسه وعلى غيره في تعلله) وفي نسخة: في تعليله، وهذا ربما يروج عند الأغبياء (و) أما (الفطن) العاقل النبيه (يعلم) ويتحقق (أنه لو كان) هذا (غرضه أداء حق الأمر) المخاطب (في فرض الكفاية لقدم عليه فرض العين) واشتغل به ولكنه عرف ثم أنكر (بل قدم عليه كثيرا من فروض) توجهت عليه (من الكفايات) مما غيره ليس بقائم به في عصره مع شدة الاحتياج إليه (فكم من بلدة من بلاد الإسلام ليس فيها طبيب) مطلقا اللهم (إلا من أهل الذمة) كاليهود والنصارى وعبدة الأوثان على اختلاف مللهم (ولا يجوز قبول شهادتهم فيما يتعلق بالأطباء) في أحكام الفقه لفقدان الأمانة والعدالة (ثم لا ترى رأسا أحدا يشتغل به) أي بالطب قراءة وتعليما وفي نسخة: يستغل به (ويتهاترون) أي يتنافسون ويترامون بأنفسهم (على) تحصيل فروع (علم الفقه) وما يستنبط بها من النوادر التي لا تقع غالبا (لا سيما الخلافيات) فيه (والجدليات) التي الغرض إلزام الخصم بإقامة الحجة (والبلد مشحون) أي: مملوء (من الفقهاء ممن يستقل بالفتوى) أي يحمله استقلالا (والجواب عن الوقائع) والنوازل (فليت شعري) أي: ليت علمي حاضر أو محيط بما صنعوا، وأصله: شعرتي، حذفت التاء مع الإضافة لكثرة الاستعمال (كيف يرخص فقهاء الدين) أي: كيف يرون رخصة وجوازا (في الاشتغال بفرض كفاية قام به جماعة) منهم (وإهمال ما لا قائم به) وتركه رأسا (هل لهذا سبب) لم نعلمه و (ليس إلا أن) علم (الطب ليس يتيسر الوصول به إلى تولي الأوقاف) قبضا واستحقاقا بنظارة أو تدريس أو تنزل في إحدى المدارس (والوصايا) أي: الدخول فيها (وحيازة مال الأيتام) بأن يكون وصيا عليهم أو قيما على أموره نظرا إلى ديانته (وتقلد) منصب (القضاء) العام والخاص، وقد كان السلف يفرون من ذلك (و) تقلد (الحكومة) والرياسة على قوم (والتقدم على [ ص: 170 ] الأقران) والأصحاب ويندرج فيه مشيخة الجوامع والخوانق والتسلط به على الأعداء (بأن ينتصف لنفسه منهم بجاه علمه هيهات هيهات) وهي كلمة تستعمل لتبعيد الشيء ومنه قول الشاعر

فهيهات هيهات العقيق ومن به وهيهات خل بالعقيق نواصله

وفيها لغات ذكرتها في شرح القاموس (قد اندرس علم الدين) وانطمس أثره (بتلبيس علماء السوء) وتخليطهم وتصويرهم الباطل بصورة الحق (فالله المستعان) لا غيره (وإليه اللياذ) أي: الالتجاء، وأصله اللواذ، وفي بعض النسخ الملاذ (في أن يعيذنا) أي: يخلصنا (من هذا الغرور) وهو سكون النفس بما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع (الذي يسخط الرحمن) ويغضبه (ويضحك الشيطان) ويعجبه .




الخدمات العلمية