الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
أو كان ملكا لغيره ولم يبعه إلا بأكثر من ثمن المثل .

التالي السابق


ثم أشار إلى السبب الرابع من أسباب العجز بقوله : (أو كان) الماء (ملكا لغيره ولم يبع منه إلا بأكثر من ثمن المثل) لا يلزمه الشراء ويتيمم ، وقال بعضهم : إن بيع بزيادة يتغابن الناس بمثلها وجب الشراء ولا عبرة بتلك الزيادة ، وإن كان البيع نسيئة وزيد بسبب التأجيل ما يليق به فهو بيع بثمن المثل على أظهر الوجهين ، وإن زاد المبلغ على ثمن مثله نقدا وجب الشراء ولو ملك الثمن ، وكان حاضرا عنده ، لكن كان محتاجا إليه لدين مستغرق في ذمته أو لنفقته ونفقة رفيقه أو لحيوان محترم معه أو لسائر مؤنات سفره في ذهابه وإيابه لم يجب عليه الشراء ، واختلف في ثمن مثل الماء على ثلاثة أوجه أحدها أن ثمن مثله قدر أجرة نقله إلى الموضع الذي فيه الشخص ، والثاني أنه يعتبر ثمن مثله في ذلك الموضع في غالب الأوقات ولا يعتبر ذلك الوقت بخصوصه والثالث أنه يعتبر في ذلك الموضع في الحالة ، فإن لكل شيء سوقا يرتفع وينخفض فيه وثمن مثل الشيء ما يليق به في تلك الحالة الأول اختاره المصنف وتبعه كثيرون ، والثاني منقول عن أبي إسحق ، واختاره الروياني والثالث هو الأظهر عند الأكثرين من الأصحاب وقول المصنف : أو كان ملكا لغيره ، وكذا قوله في الوسيط : إن ثمن مثله أجرة نقله فبه يعرف الرغبة في الماء ، وإن كان مملوكا على الأصح فيه إشارة إلى أن الوجه الذي اختاره ليس مبنيا على أن الماء لا يملك ، كما ذهب إليه شيخه إمام الحرمين وتابعه المسعودي ، فإن القول به وجه ضعيف في المذهب فليكن كذلك ما هو مبني عليه .


(فصل)

وقال أصحابنا : يجب طلب الماء ممن هو معه إن كان في محل لا تشح به النفوس ، وإن لم يعطه إلا بثمن مثله لزمه شراؤه به وبزيادة يسيرة لا بزيادة غبن فاحش ، وهو ضعف القيمة وقيل : شطرها وقيل ما لا يدخل تحت تقويم المقومين إن كان الثمن معه فاضلا عن نفقته وأجرة حمله ، وأما للعطش فيجب على القادر شراؤه بأضعاف قيمته إحياء لنفسه .



(لطيفة)

ذكر صاحب الأشباه في فن الحكايات احتاج الإمام أبو حنيفة إلى الماء في طريق الحاج فساوم أعرابيا قربة ماء فلم يبعه إلا بخمسة دراهم فاشتراه بها ، ثم قال : كيف أنت بالسويق ؟ فقال : أريده فوضعه بين يديه فأكل ما أراد وعطش فطلب الماء فلم يعطه حتى اشترى منه شربة ماء بخمسة دراهم .




الخدمات العلمية