الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فينبغي أن ينوي عند السواك تطهير فمه لقراءة القرآن ، وذكر الله تعالى في الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم : صلاة على أثر سواك أفضل من خمس وسبعين صلاة بغير سواك وقال صلى الله عليه وسلم : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وقال صلى الله عليه وسلم : ما لي أراكم تدخلون علي قلحا استاكوا أي صفر الأسنان وكان عليه السلام كان يستاك من الليل مرارا وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : لم يزل يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواك حتى ظننا أنه سينزل عليه فيه شيء وقال عليه السلام عليكم بالسواك ، فإنه مطهرة للفم ومرضاة للرب وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : السواك يزيد في الحفظ ويذهب البلغم وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروحون والسواك على آذانهم .

التالي السابق


(فينبغي أن ينوي عند السواك تطهير فيه) أي فمه (لقراءة الفاتحة، وذكر الله عز وجل في الصلاة) ولو قال: لقراءة القرآن لكان شاملا للمذهبين أي أنه باستعماله السواك لا يقتصر على نية إزالة الوسخ عن فمه بل ينوي بذلك ما ذكر حتى يثاب عليه .

(وقال صلى الله عليه وسلم: صلاة في أثر سواك أفضل من خمس وسبعين صلاة من غير سواك) قال العراقي: أخرجه أبو نعيم في كتاب السواك من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف، ورواه أحمد والحاكم وصححه والبيهقي وضعفه من حديث عائشة بلفظ: من سبعين صلاة .

قلت: وكذا ابن زنجويه إلا أنه قال: صلاة بسواك، وأخرجه ابن عدي من رواية مسلمة بن علي الخشني عن سعيد بن سنان الحمصي عن أبي الزاهرية عن أبي هريرة رفعه بلفظ المصنف إلا أنه قال: من خمس وسبعين من غير سواك، وقال مسلمة: لا شيء في الحديث .

(وقال صلى الله عليه وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) قال العراقي: متفق عليه من حديث أبي هريرة قلت: وأخرج أبو داود والنسائي بلفظ: لأمرتهم [ ص: 349 ] بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة، وأخرج ابن ماجه فعل الصلاة وأخرج فعل السواك من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة، وأخرج الترمذي فصل السواك من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، وأخرج أبو داود من حديث زيد بن خالد الجهني بلفظ المصنف سواء، وأخرجه الترمذي والنسائي وحديث الترمذي مشتمل على الفعلين، وكذلك عند أحمد والضياء، وعند البيهقي من حديث أبي هريرة بلفظ: مع كل وضوء، وكذا عند الطبراني في الأوسط عن علي واقتصروا على فصل السواك، وعند الحاكم من حديث العباس بن عبد المطلب بلفظ: لفرضت عليهم السواك عند كل صلاة، كما فرضت عليهم الوضوء، وعند أحمد والنسائي عن أبي هريرة بلفظ: عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك، وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مكحول مرسلا بلفظ: لأمرتهم بالسواك والطيب عند كل صلاة.

(وقال صلى الله عليه وسلم: ما لي أراكم تدخلون علي قلحا استاكوا) قال العراقي: أخرجه البزار والبيهقي من حديث العباس بن عبد المطلب وأحمد والبغوي من حديث تمام بن العباس، والبيهقي من حديث عبد الله بن عباس، وهو مضطرب .

قلت: والذي قال: إنه مضطرب هو أبو علي بن السكن، فقد رواه أحمد والجماعة المذكورون وابن أبي خيثمة من حديث تمام، كما ذكر، ورواه الطبراني من حديث جعفر بن تميم أو تمام عن أبيه وقيل: تمام بن قثم أو قثم بن تمام، وقوله: قلحا بضم القاف وسكون اللام (أي صفر الأسنان) ، وقد قلحت من باب تعب إذا تغيرت بصفرة أو خضرة، وهو أقلح وهي قلحاء والجمع قلح كأحمر وحمر (وكان صلى الله عليه وسلم يستاك من الليل مرارا) ، وفي بعض النسخ في الليلة مرارا، قال العراقي: أخرجه مسلم من حديث ابن عباس .

(وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لم يزل يأمرنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بالسواك حتى ظننا أنه سينزل عليه فيه شيء) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديثه قال العراقي: (وقال) صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالسواك، فإنه مطهرة للفم ومرضاة للرب عز وجل) أخرجه البخاري تعليقا مجزوما أي في كتاب الصيام من حديث عائشة والنسائي وابن خزيمة موصولا قاله العراقي، وقد وصل المصنف هذا الحديث بحديث ابن عباس الذي قبله، وقد رواه من حديث ابن عباس الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان .

قلت: وأخرجه ابن عدي من رواية الخليل بن مرة عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس بلفظ: مطهرة للفم مرضاة للرب مفرحة للملائكة، قال: والخليل عنده مناكير قاله البخاري قلت: وأخرجه أحمد من حديث ابن عمر إلا أنه قال: مطيبة بدل مطهرة والباقي كلفظ المصنف .

(وقال علي رضي الله عنه: السواك يزيد في الحفظ ويذهب البلغم) ، وفي كتاب النوادر للترمذي الحكيم: السواك يزيد للمحافظ حفظا، وفي كلام ابن عباس: في السواك عشر خصال، فذكر منها أنه ينقي البلغم، والبلغم أحد الأخلاط الأربعة (وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروحون والسواك على آذانهم) قال العراقي: أخرجه الخطيب في كتاب أسماء من روى عن مالك، وعن أبي داود والترمذي وصححه أن زيد بن خالد كان يشهد الصلوات وسواكه على أذنه موضع القلم من أذن الكاتب .

قلت: وهو الذي قدمناه آنفا وأوله: لولا أن أشق، وفيه قال أبو سلمة: فرأيت زيدا يجلس في المسجد وإن السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب فكلما قام إلى الصلاة استاك، وقد أخرجه النسائي كذلك وحديث الترمذي مشتمل على الفعلين، كما تقدم، وقال: حسن صحيح، وقول المصنف: يروحون أي يأتون إلى المساجد من بعد زوال الشمس لحضور الصلاة في المسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم .



(تنبيه)

قد بقيت أحاديث في فضل السواك لم يذكرها المصنف ونحن نشير إليه فمنها ما أخرجه الستة خلا الترمذي من حديث حذيفة رفعه: كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك، واختلف في معنى الشوص هنا فقيل: هو الغسل وقيل: الدلك وقيل: التنقية وقيل: يشوص يستاك عرضا، وقال ابن دريد: الشوص الاستياك من أسفل إلى أعلى ويقال: شصت معرب ششت بمعنى غسلت بالفارسية قلت: ومصدره ششتن بزيادة النون، وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر أن رسول [ ص: 350 ] الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل صلاة فكان ابن عمر يرى به قوة، وكان لا يدع الوضوء لكل صلاة، وأخرج الستة خلا البخاري من حديث عائشة رفعته: عشر من الفطرة، فساقه، وذكر فيهن السواك، وأخرج أبو داود من حديثها أيضا رفعته: كان يوضع له وضوءه وسواكه، فإذا قام من الليل تخلى، ثم استاك، وأخرج أيضا من حديثها رفعته: كان لا يرقد في ليل ولا نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ، وأخرج البخاري في تفسير آل عمران من حديث ابن عباس: بت عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستن. الحديث، وأخرج أبو نعيم في كتاب السواك من حديث عبد الله بن عمرو رفعه: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار، وأخرج أحمد عن أبي بكر، والشافعي وأحمد أيضا والنسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي عن عائشة، وابن ماجه عن أبي أمامة بلفظ: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب، وزاد الطبراني في الأوسط عن ابن عباس: ومجلاة للبصر، وفي الكبير عنه: يطيب الفم ويرضي الرب، وفي كتاب الإيمان لرسته عن حسان بن عطية مرسلا: السواك نصف الإيمان والوضوء نصف الإيمان، وأخرج أبو نعيم في كتاب السواك عن عبد الله بن عمرو بن حلحلة ورافع بن خديج معا: السواك واجب وغسل الجمعة واجب على كل مسلم، وعن عبد الله بن جزء: السواك من الفطرة، وأخرج ابن عدي والعقيلي والخطيب في الجامع عن أبي هريرة: السواك يزيد الرجل فصاحة، وأخرج الديلمي في الفردوس عن أبي هريرة: السواك سنة فاستاكوا أي وقت شئتم. ومن حديث عائشة: السواك شفاء من كل داء إلا السام. والسام الموت.




الخدمات العلمية