الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الطرف الثاني في المزال به .

وهو إما جامد ، وإما مائع أما الجامد فحجر الاستنجاء وهو مطهر تطهير تخفيف بشرط أن يكون صلبا طاهرا منشفا غير محترم .

التالي السابق


ولما فرغ من ذكر المزال شرع في بيان المزال به فقال: (الطرف الثاني في المزال به) ما هو، ثم بينه بقوله: (وهو إما جامد، وإما مائع) ، وفي بعض النسخ أو مائع وكل ذائب مائع، وقد ماع يميع إذا سال على وجه الأرض منبسطا في هيئته (أما الجامد فحجر الاستنجاء) أي الحجر الذي يزال به أثر النجو من المقعدة (وهو مطهر تطهير تخفيف) أي لتخفيف النجاسة وقلة مباشرتها بيده سواء فيه الغائط والبول، وهو يشير إلى أن الحجر ليس بمزيل للنجاسة حقيقة حتى لو نزل المستنجي به في ماء قليل نجسه، كما في الأشباه والنظائر ولذا جعل إتباع الماء به من تمام التطهير، ثم ذكر المصنف لحجر الاستنجاء شروطا أربعة فقال (بشرط أن يكون) ذلك الحجر الذي يستنجى به (صلبا) أي شديدا; لأنه لو كان رخوا لم ينق المحل هذا هو الأول، والثاني أن يكون (طاهرا) ; لأنه لو كان نجسا يزيد المحل تنجيسا، والثالث أن يكون (منشفا) ; لأنه لو كان رطبا يلطخ المحل ويزيده تلويثا، والرابع أن يكون (غير محترم) . ونقل ابن الحاج في المدخل عن بعض المشايخ حدا جامعا لحجر الاستنجاء فقال: يجوز الاستجمار بكل جامد طاهر منق قلاع للأثر غير مؤذ ليس بذي حرمة ولا سرف ولا يتعلق به حق للغير، وهو ضابط جيد . وقد خرج من قوله: غير مؤذ الزجاج، وبقوله: ولا سرف خرج منه ما إذا استنجي بثوب حرير أو رفيع من غيره، ويقرب منه الاستنجاء بالنقدين والزبرجد والياقوت، فإن فيه إضاعة المال، ومن قوله: ولا يتعلق به حق الغير خرج الروث والعظم فإنهما من زاد الجن، وعبارة المنهاج: ويجب الاستنجاء بماء أو حجر وجمعهما أفضل، وفي معنى الحجر كل جامد طاهر قالع غير محترم، قال الخطيب الشربيني في شرحه: كخشب وخزف لحصول الغرض به كالحجر، فخرج بالجامد المائع غير الماء الطهور كماء الورد والخل، وبالطاهر النجس كالبعر، والمتنجس كالماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة، وبالقالع نحو الزجاج والقصب الأملس والمتناثر كتراب ومدر وفحم وخزف بخلاف التراب والفحم الصلبين، والنهي عن الاستنجاء بالفحم ضعيف قاله في المجموع، وإن صح حمل على الرخو وشمل إطلاقه حجر الذهب والفضة; إذ كان كل منهما قالعا، وهو الأصح، وبغير محترم المحترم كجزء حيوان متصل به كيده ورجله وكمطعوم آدمي كالخبز أو جني، وأما مطعوم البهائم كالحشيش فيجوز، وإنما جاز بالماء مع أنه مطعوم; لأنه يدفع النجس عن نفسه بخلاف غيره، أما جزء الحيوان المنفصل عنه كشعره فيجوز الاستنجاء به قال الإسنوي: والقياس المنع في جزء الآدمي، وأما الثمار والفواكه فما كان يؤكل منها رطبا كاليقطين لا، ويجوز يابسا إذا كان مزيلا وما كان يؤكل رطبا ويابسا، فإن كان مأكول الظاهر والباطن كالتين والتفاح لا يجوز برطبه ولا يابسه، وإن كان يؤكل ظاهره دون باطنه [ ص: 323 ] كالخوخ والمشمش وكل ذي نوى لا يجوز بظاهره، ويجوز بنواه المنفصل عنه، وإن كان مأكوله في جوفه كالرمان جاز الاستنجاء به، ثم قال ومن المحترم ما كتب عليه اسم معظم أو علم كحديث وفقه، قال في المهمات: ولا بد من تقييد العلم بالمحترم، وأما غير المحترم كفلسفة ومنطق، فإنه يجوز الاستنجاء به، وألحق بما فيه علم محترم جلده المتصل به دون المنفصل عنه بخلاف جلد المصحف .




الخدمات العلمية