الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ولا يعفى عن شيء من هذه النجاسات قليلها وكثيرها إلا عن خمسة .

الأول أثر النجو بعد الاستجمار بالأحجار يعفى عنه ما لم يعد المخرج .

التالي السابق


(ولا يعفى عن هذه النجاسات قليلها وكثيرها) ، وعند أبي حنيفة: النجاسة نوعان غليظة وخفيفة، والخفيفة لا تمنع ما لم تفحش، والغليظة إذا زادت على قدر الدرهم تمنع جواز الصلاة، واختلفوا في مقدار الدرهم هل يعتبر وزنا أو بسطا؟ الصحيح أن في المتجسدة كالعذرة والروث ولحم الميتة يعتبر قدر الدرهم وزنا، وفي غير المتجسدة كالبول والخمر والدم يعتبر بسطا، واختلفوا أيضا في قدر الدرهم الذي يقدر به قال شمس الأئمة السرخسي: يعتبر فيه أكبر درهم البلد إن كان في البلد دراهم مختلفة، وفي الهداية: وقدرنا القليل بقدر الدرهم قال: الأكل في شرحه يعني ذلك لا يمنع، فإذا زاد عليه منع، وهو قول الشعبي أخذنا به; لأنه أوسع، وكان النخعي يقول: إذا بلغت مقدار الدرهم منعت، والمراد بقدر الدرهم هو موضع خروج الحدث قال النخعي: استقبحوا ذكر المقاعد في مجالسهم فكنوا عنه بالدرهم، ويروى عن محمد اعتبار الدرهم من حيث المساحة حيث قال في النوادر: الدرهم الكبير هو ما يكون عرض الكف، ويروى من حيث الوزن وهو الدرهم الكبير المثقال، وهو ما بلغ وزنه مثقالا وهو الذي ذكره في كتاب الصلاة فقال الفقيه أبو جعفر الهندواني: يوفق بين ألفاظ محمد فنقول: إن الأولى يعني رواية المساحة في الرقيق منها، والثانية يعني رواية الوزن في الكثيف، والله أعلم .

(إلا عن خمسة) أشياء قد استثنت مما تقدم (الأول أثر النجو) أي الخرء (بعد الاستجمار بالأحجار) والاستجمار لغة طلب الجمرة وهي كونه من الحصى، فقوله: بالأحجار إما للبيان بالنظر إلى معناه اللغوي أو قيد مخرج بالنظر إلى العرف الشرعي (يعفى عنه ما لم يعد) أي يجاوز (المخرج) أي حلقة الدبر وهو المعبر عنه عند أبي حنيفة وأصحابه قدر الدرهم، كما تقدم في قول النخعي، وإنما قال: أثر النجو، إشارة إلى القليل منه فإنه يعفى عنه ومنعا للحرج; لأن ما عمت بليته هانت قضيته، وهذا متفق عليه غير أن أصحابنا قدروا هذا القليل بأقل من الدرهم ويكون غسله [ ص: 321 ] حينئذ سنة لا واجبا، وعند محمد يجب الغسل ولو كان أقل، قال في الاختيار، وهو الأحوط .




الخدمات العلمية