فصل [في غيبة الولي]
واختلف فقال في "المدونة" : إذا كان الولي بعيد الغيبة، نظر السلطان فيه فيفرق إن كانت الفرقة خيرا، أو يتركهما إذا كان الترك خيرا . إذا كان الولي غائبا، هل يقوم السلطان مقامه في النظر في ذلك أم لا؟
وعلى قوله هذا إذا كان الولي قريبا وقف الزوج عنها حتى يكتب إلى الولي.
وقال في "كتاب محمد ": لا ينظر في ذلك فيما بعد منه، أو قرب، حتى يقدم الولي. وإن قدم الولي وخاصم فيه وكانت المرأة ممن لها العشيرة، وأهل البيوت لم يجز ذلك، إلا في شيء قد فاته، وتزوجها كفؤ. وقال أيضا: إذا كان الولي غائبا، أو الولي ضعيفا، فإنها تأمر رجلا يزوجها; فيجوز ذلك إذا لم تضع نفسها في دناءة، قيل له: ولا ترفع إلى السلطان؟ قال: ليس كل امرأة تقدر أن ترفع إلى السلطان .
فرأى في القول الأول أن يقوم السلطان في ذلك للغائب، فإن لم تكن من [ ص: 1792 ] الغائب وكالة على القيام بذلك كان من التعدي عليه، والتعدي والغصوب يقام لأهلها بها ، وإن لم يكن من المتعدى عليه في ذلك وكالة.
ولم ير ذلك في القول الآخر حتى يقوم لنفسه في ذلك، للاختلاف في الولاية ابتداء، وأن للمرأة أن تزوج نفسها، فكان ذلك أضعف من الحقوق المتفق على أنه متعد فيها.
وأجاز لها في القول الثالث أن تزوج نفسها ابتداء من غير حاكم; لأن ولاية الإسلام ولاية في الحقيقة، ومقال الأقرب من باب أولى، ولئلا تضع نفسها فيما يلحقه منه ضرر، فإذا اجتهدت لنفسها في السلامة من ذلك جاز. وهذه الرواية تؤيد ما ذكره القاضي ، إذا تزوجت بولاية الإسلام مع وجود ولاية النسب أنه ماض. أبو محمد عبد الوهاب