فصل [في نوع الصيد
على ثلاثة أوجه : وكل صيد يصح أن يخرج عنه القيمة بالطعام ، يفترق في النظير من النعم
فمنه ما له نظير في الخلقة والقدر . ومنه ما يوافق في القدر دون الخلقة . ومنه ما لا يوافق في الوجهين جميعا ، إما لصغر الصيد أو لعظمه .
فالأول : بقر الوحش : الجزاء عنه من البقر الإنسي . وهذا موافق له في الخلق ؛ فيخرج من الإنسي مثله في القدر ، ما لم يكن الأول صغيرا ، فيرجع إلى الخلاف المتقدم .
والثاني : حمر الوحش : له نظير في القدر دون الخلقة ، وهي البقر . وكذلك [ ص: 1332 ] الإيل . واختلف الناس في النعامة ، فقال محمد في كتابه : سمعت فيها بدنة . وقال بعض أهل العلم : قيمة . لأنها عنده لا يقارب خلق البقر ، ولا يبلغ الإبل . والجزاء عن الضبع والثعلب والظبي- من الغنم ، فقال : في الضبع كبش ، وفي الظبي عنز . لأن الظباء معز الوحش ، فيجري في نظيرها من الإنس . عمر
والثالث : الأرنب والضب واليربوع ؛ لا نظير له لصغره ، فيخرج عنه طعاما ، إلا على قول ومن وافقه . عمر
وكذلك إذا لم يكن له نظير لكبره كالفيل . فقيل : يخرج عنه بدنة .
وليس بحسن ؛ لأنها دونه . وأرى أن يخرج قيمته طعاما ، أو قيمة ما يشبع لحمه طعاما على القول الآخر .
ولا فرق بين عدم النظير لصغر الصيد أو لكبره ، ويصح أن يخرج عن النظير من النعم إذا كان ذلك نظيره في القدر ، ونقل - رضي الله عنه - الحكم في حمام عثمان مكة ، فجعل فيه شاة .
قال في كتاب عبد الملك محمد : فإن لم يجد فصيام عشرة أيام . قال : وبذلك قال ، وليس مما يجوز فيه الصدقة ، وإنما هو تغليظ من مالك . فنقل الحكم فيه في ثلاثة مواضع ، أسقط التخيير ، وجعل فيه شاة . فإن لم يجد فصيام عشرة أيام كالمتمتع ، ولا يحتاج على قوله إلى حكمين . [ ص: 1333 ] عثمان
وفي بيضة عشر شاة ، فإن لم يجدها صام يوما مكانه ، وهو عشر الصيام كما أن الجزاء عنها بعشر الشاة . واختلف في حمام الحرم ، فقال في المدونة : فيه شاة .
وفي كتاب محمد : فيه حكومة ؛ لأن الأصل فيه وفي حمام مكة حكومة . فغلظ الحكم في حمام مكة لكثرتها واستئمانها ؛ لئلا تسرع إليها أيدي الناس ، فعلى القول الأول يخرج شاة بغير تحكيم ، وعلى القول بالقيمة : يحتاج إلى حكمين .
وقال في الدبسي والقمري يصاد بمكة : إن كان عند الناس من الحمام ؛ ففيه شاة . وأرى هذا إذا كثرت بالمكان ، وإلا كان فيها حكومة . ويبقى على الأصل في موجبها بالقرآن .