فصل [في جرح المحرم الصيد]
وإذا ، فإن أنفذ مقاتله ؛ كان له حكم الميت ، وفيه الجزاء . وإن أصاب منه موضعا الغالب حياته ؛ لم يجب جزاؤه . وإن أشكل أمره لاحتمال حال الجرح ، أو لأنه لا يعلم كيف كان ؛ ففيه قولان : فقال جرح المحرم صيدا ثم نجا بنفسه محمد : عليه الجزاء . ولم يعتبر صفة الجرح . وفي المدونة قال : من جرح صيدا وهو محرم ، فغاب الصيد وهو مجروح ؛ فعليه الجزاء كاملا . مالك
وقال في كتاب ابن الماجشون : إن أصابه ما يموت به فليوده ، وإلا لم يوده . وهذا أقيس ؛ لأن الأصل براءة الذمة ، وأنه على الحياة حتى يثبت هلاكه . والأول استحسان ، وأخذ بالأحوط . [ ص: 1326 ] ابن حبيب
ويستحب أن يؤخر الجزاء ؛ لإمكان أن يكون لم يعجل له الموت . فإن أخرج جزاءه فرآه حيا بعد طول ، وما يرى أنه كان يموت منه لم يبق تلك المدة ؛ لم يكن عليه شيء . وإن كان ذلك بقرب ، ولم يرتفع الشك ؛ استحسن له أن يخرجه بعد أن يمهل ، ولا يعجل بذلك .
واختلف إذا علمت حياته ، وكان قد أبان له عضوا ، أو شانه فقال في المدونة لا شيء عليه . وقال في كتاب ابن القاسم محمد : عليه ما نقصه . وقاله . أشهب
وهو أحسن ؛ لأنه منهي عن أن يصيبه بأذى وغيره ، وقد جعل الله عقوبة من أتلف النفس الجزاء أو القيمة ، فيقاس تلف الأعضاء عليه ، فيغرم قيمة ما أتلف أو أفسد .
وقال في محرم صاد طيرا فنتفه ، ثم حبسه حتى انسل فطار : فلا شيء عليه . مالك
قال محمد : يضعه في موضع ينسل فيه ، ثم عليه جزاؤه . وقال : يحبسه حتى يعود ريشه ، ثم يرسله ، ويطعم مسكينا ، فإن غاب قبل أن ينسل وخيف عطبه ؛ فليوده . ويختلف على هذا إذا جرح صيدا فلم يستطع النجاة ، هل يحبسه حتى يبرأ ، أو يرسله ويغرم جزاءه ؟ فإن حبسه لم يغرم الآن شيئا . فإن برئ بغير شين ؛ فلا شيء عليه . وإن بقي به شين ؛ غرم ما نقصه . [ ص: 1327 ] ابن حبيب