فصل [فيما يحرم على المحرم من الوطء والصيد واللباس]
ومن فعليه هدي واحد ؛ لأن الهدي للفساد ، وهو بأول مرة قد أفسد ، كمن أصاب أهله في يوم رمضان مرارا فكفارة واحدة تجزئه . وإن أصاب صيدا بعد صيد كان عليه لكل صيد جزاء ؛ لأنه من باب غرم قيم المتلفات ، فكل نفس أتلفها غرم قيمتها . أصاب أهله مرارا
وأما فعلى ثلاثة أوجه : فإن حلق وقلم أظفاره وتطيب ، فإن كانت نيته فعل جميعها فعليه فدية واحدة ، وإن بعد ما بين تلك الأفعال فذلك سواء . وإن كانت نيته أحدها ، ثم حدثت نية ففعل أيضا ، فإن بعد ما بين الفعلين ؛ فعليه لكل شيء من ذلك فدية . وإن كان ذلك في فور واحد ففدية واحدة . وهذا قوله في المدونة . إماطة الأذى واللباس
وقد اختلف في هذا الأصل فيمن قال لزوجته قبل الدخول : أنت طالق ، [ ص: 1292 ] أنت طالق ، أنت طالق . هل يلزمه الثلاث أو طلقة واحدة ، إذا كانت نيته من أول طلقة واحدة ، ثم كرر الطلاق بنية محدثة أو استثنى بنية محدثة ؟
والقياس : أن القرب والبعد ما بين اللباسين في ذلك سواء . وإن لبس قميصا بعد قميص لم تكن في الثانية فدية ، وإن كان ذلك بنية محدثة وبعد ما بين اللباسين . وإن لبس سراويل ثم قميصا ففديتان . وقال : إن لبس قميصا ثم سراويل ففدية واحدة . وكذلك إن احتاج بعد القميص إلى جبة فلا شيء عليه . والقياس أن يكون عليه في السراويل والجبة فدية ثانية ؛ لأن منفعة الثانية غير منفعة الأول . ابن الماجشون
وقال محمد فيمن ائتزر بمئزر فوق مئزر : افتدى إلا أن يبسطهما ، ثم يئتزر بهما . وذكر ابن عبدوس عن مثله ، قال : وأما رداء فوق رداء فلا بأس به . وإن لبس قلنسوة ثم عمامة ففدية ، إلا أن تزيد العمامة على القلنسوة بقدر ينتفع به في مثله فعليه فدية أخرى . وإن لبس قميصا ثم قلنسوة أو عمامة كان في الثاني فدية ، إلا أن يكون تلك بنية أو يكون بقرب الأول على ما تقدم . وإن حلق ثم لبس قلنسوة أو عمامة كان في الثاني فدية ، إلا أن تكون تلك نيته أو تلبس بقرب الحلاق . عبد الملك
وإن لبس قميصا وهو صحيح ، ثم مرض ثم صح وهو لابسه ؛ ففدية واحدة .
وقال محمد : إن لبسه لمرض ، ثم صح فتمادى على لباسه ؛ فعليه فديتان . [ ص: 1293 ]
يريد : لأن نيته كانت أن يلبسه للمرض خاصة ، وقد بعد ما بين النية الأولى والثانية . والقياس على أصله : ألا شيء عليه في التمادي ؛ لأنه بانقضاء المرض تمادى في اللباس ، فأشبه ما يقرب فعل بعضه من بعض .
وكذلك ، ، ثم مرض ثم صح وهو عليه ؛ ففدية واحدة . وإن استعمل ذلك لمرض ، ثم صح وهو عليه فلم يغسله كان عليه على قول محمد فديتان . وإن وصف له الطيب فاستعمله ، ثم استعمل طيبا آخر بقرب الأول ؛ ففدية واحدة . وإن تباعد ما بينهما ، وذهبت رائحة الأول ففديتان . وكذلك إن لم يذهب الأول حتى استعمل الثاني ؛ لأنه لو لم يستعمل الثاني ذهبت رائحة الأول قبل ذلك . إن تطيب وهو صحيح