واختلف في هل هو سنة أو فضيلة، وذلك في موضعين، لمن كان وضوؤه عند قيامه من النوم، أو هو بعيد العهد بالماء. واختلف إذا كان قريب العهد بالماء، فقال غسل اليد قبل إدخالها في الإناء، في " العتبية" فيمن أخذ في الوضوء ثم أحدث فاستأنف الوضوء: أحب إلي أن يغسل يده قبل أن يدخلها في إنائه. وقال " ابن القاسم : لا شيء عليه. والأصل في الأول قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أشهب ، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا [ ص: 16 ] استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" خرج على الغالب من النوم أنه بالليل، قال الله -عز وجل-: " لا يدري أين باتت" هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه [يونس: 67] ، فمن نام نهارا ألحق حكمه بنوم الليل، وقد يفرق بينهما; لأن الشأن في الليل أن الإنسان ينام متجردا، فتجول يده على جميع جسده، والغالب في النهار أنه لا يتجرد فلا تجول يده على جميع جسده، فإن تجرد ألحق بحكم الليل ودخل في معنى الحديث.
فمن كان يعلم من حاله أنه طاهر الجسم أو فيه نجاسة وهو في زمن لا يعرق فيه، كان غسل يده ندبا; لأن مرور اليد على النجاسة وهي غير رطبة لا يؤثر في طهارتها. ولا فرق في ذلك بين النائم واليقظان.
ومثله إذا كان في زمن يعرق فيه وهي في موضع لا تمر عليه اليد في الغالب، وإن كانت في موضع تمر عليه جرت المسألة على قولين في ولم تغير أحد أوصافه، فاختلف فيه: هل ينجس بذلك أم لا؟ الماء اليسير تحل فيه [ ص: 17 ] النجاسة اليسيرة
فمن جعله نجسا أوجب عليه غسل اليد، ومن رأى أنه لا ينجس لم يوجبه وكان غسلها ندبا.
وإذا أمر أن يغسلها على وجه التنظف; لإمكان أن يكون مرت يده على بعض أرفاغه أو لاقت وسخا، فمن لم يفعل فلا شيء عليه. كان وضوؤه من غير نوم وهو بعيد العهد بالماء ولم يغسل يده
وقد اختلفت الأحاديث في مثل ذلك، فالمشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يبتدئ وضوءه بغسل يديه .
وأخرج " عن البخاري حديثا واحدا أنه وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فابتدأ بالمضمضة ولم يغسل يده .
ابن عباس