فصل [الزمن الذي يخرج فيه السعاة]
ومن المدونة ، قال : مالك ، وعلى ذلك العمل عندنا ؛ لأن في ذلك رفقا بالناس لاجتماعهم على الماء ، وعلى السعاة لاجتماع الناس . يبعث السعاة قبل الصيف ، وحين تطلع الثريا ويسير الناس بمواشيهم إلى مياههم
قال في كتاب محمد : ولا يبعث السعاة في عام الجدب حتى يحيا الناس ؛ لأنه يأخذ منهم ما ليس له ثمن ، وإن جلبت لم ينجلب .
قال : وإنما ذلك نظر للمساكين وليس لأهل المواشي ، فإذا حيي الناس في العام المقبل أرسل السعاة ، وأخذوا زكاة العامين .
وروى عنه أنه قال : ابن وهب ، وليأخذ منها . وهذا أحسن إن كانت تنجلب ، أو يكون لها ثمن ما وإن قل ، وإلا أخر ذلك للعام المقبل . فإن هلكت قبل ذلك لم يكن على صاحب الماشية شيء . قيل لمالك : فمن لا يرد عليهم السعاة لبعد المياه التي تجتمع إليها المواشي . فقال : أرى على هؤلاء أن يجلبوا ما وجب عليهم إلى المدينة . فقيل له : إنها ضعاف ويخاف عليها . قال : لا بد من جلبها ، أو يصطلحوا على قيمتها ، ثم قال : لا يسوقونها ولكن يشترون . وما كنت أرى الناس ها هنا إلا يبتاعون ذلك ، وذلك حين ذكر له أنهم يشق عليهم أن يجلبوا ذلك إلى مسيرة عشرين يوما . لا تؤخر الصدقة عند أهلها وإن كانت [ ص: 1065 ] عجافا كلها
قال : وأما الحوائط فلا يكلفوا حمل ما عليهم ، ولا يكلف أحد حمل زكاة ثمرته إلى من يلي أخذها ؛ إنما يأتونهم في حوائطهم ، وكذلك الزرع والماشية .
قال الشيخ - رضي الله عنه - : وهذا أصوب ، والأصل أن الناس يزكون أموالهم في مواضعها ، وهناك تؤخذ منهم ؛ وقد كانت السعاة والمصدقون يخرجون في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمثل ذلك ، وهو الذي يقتضيه قول الله -عز وجل- : والعاملين عليها [التوبة : 61] ، [ ص: 1066 ] فهم الذين يخرجون لأخذها ، فيعطون الأجر لخروجهم لذلك ، فمن بعد عن السعاة ولم يكن بحضرته فقراء يعطيهم إياها استأجر عليها من يجلبها إلى المدينة ، والإجارة منها . وقال : لا أحب لصاحب الماشية أن تنزل السعاة عنده ولا يعيرهم دوابه ؛ يريد : خيفة التهمة أن يخففوا عنه . قال : وشرب السعاة الماء من منازل أرباب الماشية خفيف . [ ص: 1067 ] مالك