باب في وإذا اجتمع فوائد ودين زكاة الفوائد من الذهب والفضة،
ومن فإن أفاد مالين; فإنه يراعي قدرهما والأوقات التي أفادهما فيها، فأما قدرهما فإنه لا يخلو من ثلاثة أوجه: إما أن يكونا نصابا بمجموعهما، أو يكون كل واحد منهما نصابا، أو يكون أحدهما نصابا والآخر دون النصاب. وكذلك الوقت الذي أفادهما فيه، فإنه لا يخلو من ثلاثة أوجه: إما أن يكون واحدا بعد واحد ثم بقيا في يده حتى يجمعهما الحول، أو اجتمعا في ملك ولم يجمعهما الحول، أو افترقا فلم يجتمعا في ملك ولا حول، فإن كان كل واحد منهما دون نصاب مثل: أن يفيد عشرة فأقامت في يده حولا، ثم أنفقها، ثم أفاد عشرة فأقامت في يده حولا، فلا زكاة عليه; لأنه لم يجمعهما ملك ولا حول. أفاد عشرين دينارا أو مائتي درهم; لم تجب زكاتها بنفس الملك له حتى يمر عليها حول.
واختلف إذا جمعهما الملك ولم يجمعهما الحول، مثل: أن يفيد عشرة فأقامت العشرة في يده ستة أشهر، ثم أفاد عشرة فأقامت في يده ستة أشهر، فحال الحول على الأولى فأنفقها، ثم أقامت الثانية ستة أشهر فتم حولها، فقال لا زكاة عليه; لأنه لم يجمعهما حول. وقال ابن القاسم: يزكي عن العشرين جميعا. وإن بقيت في يده العشرة الأولى حتى حال الحول على الثانية; زكاهما على القولين جميعا. [ ص: 908 ] أشهب:
واختلف في حول الأولى، فقال حولها حول الثانية، لا يفترقان أبدا. وقال أشهب: يعود حول الأولى يوم كان تم حولها، فإن ربح فيها وفي الثانية ما تعودان به إلى نصاب، زكاهما جميعا على حولهما. ابن القاسم:
ويختلف إذا أفاد عشرة ثم عشرين، أو عشرين ثم عشرة في صفة الأحوال على نحو ما تقدم في الاقتضاء، إذا اقتضى عشرة ثم عشرين، أو عشرين ثم عشرة.
فعلى قول إن تقدمت العشرة، زكيت على حول العشرين، وإن تأخرت زكيت على حولها ولم تضم إلى العشرين. فعلى قول ابن القاسم; تزكى العشرة على حولها وإن تقدمت. وعلى قول أشهب; ابن مسلمة إذا زكيت العشرون; ضمت إلى العشرة، وزكيت فيما بعد ذلك على حولها.
وإن كان في كل فائدة عشرون; زكيت كل واحدة بانفرادها، ولا يزالان على ذلك ما لم ينقصا إذا جمعا عن عشرين دينارا أو مائتي درهم، ويراعى حينئذ من أيهما ابتدأ النقص، فإن كان حول الأولى المحرم، والثانية رجب فأتى المحرم وفي كل واحدة عشرة دنانير زكى الأولى ربع دينار ثم يجمعهما على مذهب وقد سقطت الزكاة من الثانية إلا أن يتجر في أحدهما; فيزكي الثانية، فإن ربح قبل رجب أو عند حلول الثانية; زكاها على حولها، وإن ربح في شعبان أو رمضان زكاها حينئذ وانتقل حولها إلى يوم زكاها، وإن [ ص: 909 ] لم يربح حتى أتى المحرم; زكاهما جميعا ولم يفترقا أبدا. فإن كان النقص من الثانية; لأنه زكى الأولى ولم ينقصا عن عشرين، فلما زكى الثانية نقصتا جميعا فجمعهما إن شاء. ابن القاسم،
وإن ربح في إحداهما قبل المحرم زكى التي في المحرم وبقيت على حولها. وإن ربح في صفر أو فيما بعد ذلك وقبل رجب; زكاها حينئذ، ويكون ذلك حولها. وإن ربح في رجب زكاهما ولم يفترقا أبدا.
وقال أشهب في كتاب إذا زكيت الأولى ثم أنفقها أو تلفت; أنه يزكي الثانية إذا حال عليها الحول وإن لم يكن في يده سوى عشرة. ابن حبيب:
وقال في رجل أفاد مائتي درهم، ثم أفاد بعد ستة أشهر ألف درهم، فزكى المائتين عند تمام حولها، ثم زكى الألف أيضا عند تمام حولها، فإذا مرت ستة أشهر بعد ذلك فحال على المائتين الحول لم يزكها; لأنها ناقصة عن النصاب، فإذا بلغت حول الألف وقت زكاتها اختلطت بها وزكيت معها، فرأى أنه لما زكى الألف صار بمنزلة ما لو أفاد تلك الألف وقت زكاها، فلا يؤمر بزكاة المائتين; لأنها أقل من نصاب، والألف حينئذ لم يحل عليها الحول. [ ص: 910 ] محمد بن مسلمة