باب في من نذر الصيام، وما يلزم متابعته وما يلزم من نذر سنة بعينها أو بغير عينها، ومن نذر شهرا هل يجزئه تسعة وعشرون يوما، أو نصف شهر هل يجزئه أربعة عشر يوما
ومن لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: نذر صوما معينا، أو مضمونا في الذمة، لزمه الوفاء به; "من نذر أن يطيع الله فليطعه".
واختلف في المتابعة إذا نذر صياما مضمونا أياما أو شهرا أو سنة على ثلاثة أقوال:
فقال في كل ذلك: هو بالخيار; إن شاء تابع، وإن شاء فرق. مالك
وقال في كتاب ابن كنانة عليه أن يأتي بذلك متتابعا. ابن حبيب:
وقال إن نذر أياما لم يكن عليه أن يتابعها، وإن نذر جزءا من شهر، أو شهرين أو سنة، كان عليه أن يتابع وهذا أحسن; لأن الذي [ ص: 804 ] عهده الناس أن الشهر عبارة عن جملة متتابعة من الهلال إلى الهلال، والسنة كذلك، وقول القائل في ثلاثين يوما "شهرا" - مجاز، أو إنما هو نسبة إلى ذلك الشهر الذي هو من الهلال إلى الهلال، وهو فيمن نذر سنة أبين. ابن الماجشون:
واختلف في القدر الذي يصومه من نذر سنة مضمونة أو معينة، فقال فيمن نذر سنة مضمونة بغير عينها: يصوم اثني عشر شهرا ليس فيها رمضان، ولا يوم الفطر، ولا أيام الأضحى، ويجعل الشهر بفطره منه ثلاثين يوما، فيقضي على قوله إذا كان شوال ناقصا يومين، وإذا كان ذو الحجة ناقصا أربعة أيام مكان الثلاثة التي أفطر، وقول مالك محمد بن عبد الحكم في هذا: أنه يقضي عدد ما أفطر لا غير ذلك، ووافق أشهب في هذه المسألة إذا كان نذر سنة غير معينة ولم ينو متابعتها، وخالفه إذا نوى متابعتها، فقال في مدونته: لا قضاء عليه عن رمضان، ولا عن يوم الفطر، ولا عن يوم النحر، ولا أيام التشريق واجبا، واستحب له قضاء ذلك، قال: لأنه إذا نوى المتابعة فلا بد أن يدخل في تلك السنة أبدا رمضان، والأيام المنهي عن صيامها، وساوى في ذلك بين المضمون والمعين. وأن يفطر في اليوم الرابع من أيام التشريق إذا عين أو نوى المتابعة، وكان عنده بمنزلة من قال: لله تعالى علي أن أصلي يوما بعينه، أو بغير عينه، فلا قضاء عليه في الأوقات التي تصلى فيها الصلوات الخمس، ولا الأوقات المنهي عن الصلاة فيها. [ ص: 805 ] ابن القاسم
وعلى هذا ينبغي أن يكون الجواب على مذهب ابن كنانة لأن الحكم عندهم المتابعة وإن لم ينوها. وابن الماجشون;