فصل: يستحب تعجيل الفطر وتأخير السحور
يستحب تعجيل الفطر وتأخير السحور; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أخرجه مسلم، وقوله: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" أخرجه "تسحروا فإن في السحور [ ص: 779 ] بركة" البخاري ومسلم.
والسحور: الأكل عند السحر، ولا خلاف أن السحور مستحب غير واجب.
واختلف في تعجيل الفطر، وفي الإمساك بعد الغروب بنية الصوم، فقيل: الإمساك غير جائز، وهو بمنزلة الإمساك يوم الفطر أو يوم النحر، وقيل: ذلك جائز، وله أجر الصائم، وروي ذلك عن ابن الزبير، أنهما كانا يواصلان، وعن وابن عمر: عامر بن الزبير: أنه كان يواصل ليلة سبع، وليلة سبع عشرة، وليلة سبع وعشرين، وقال أحمد وإسحاق: لا بأس بالوصال إلى السحر.
واحتج من منع بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي: صار مفطرا، وبنهيه عن الوصال. واحتج من أباح ذلك أن "إذا أقبل الليل من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم" على وجه الرفق بأمته; لأنه -صلى الله عليه وسلم- واصل وواصل بهم، فلو كان الوصال محرما لم يصح أن يفعله، ولا أن يحملهم عليه إذا كان ذلك معصية، ويعاقب من خالف نهيه من غير أن يدخلهم فيه، [ ص: 780 ] قالت عائشة -رضي الله عنها-: النهي عن الوصال وروي عنه في البخاري أنه قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال رحمة لهم...". فالوصال إلى السحر جائز مباح بهذا الحديث، وإلى الليلة القابلة مكروه غير محرم; لحديث "لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر..."، -رضي الله عنها- وبمواصلته بمن واصل من أصحابه، ثم قال: عائشة وهذا يفهم منه الكراهية لا التحريم. [ ص: 781 ] "لو مد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم..."