الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في صفة الخطبة في العيد]

                                                                                                                                                                                        ويخطب للعيدين خطبتين، يستفتح كل خطبة بالتكبير، وكلما مضى في الخطبة عاد إلى التكبير، واختلف في ثلاثة مواضع:

                                                                                                                                                                                        أحدها: في عدد التكبير.

                                                                                                                                                                                        والثاني: هل الإكثار منه أولى أو التقليل؟

                                                                                                                                                                                        والثالث: هل يكبر الناس بتكبيره؟

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في المبسوط: يستفتح الإمام الخطبة إذا صعد بالتكبير، قال: ومن السنة أن يكبر تكبيرا كثيرا، ثم في الثانية أكثر من الأولى، ويكبروا بتكبيره، وقال ابن حبيب: يستفتح الأولى بسبع تكبيرات تباعا، ثم إذا مضت كلمات كبر ثلاثا، وكذلك في الثانية إذا استفتحها، وإذا مضى في خطبته، وقال المغيرة في المبسوط: كنا نعد الإكثار من التكبير عيا، ويستراح إليه في الخطبة، ولم ير أن يكبر الناس بتكبير الإمام فيها.

                                                                                                                                                                                        والخطبة في العيدين بعد الصلاة وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه خطب بعد الصلاة، [ ص: 640 ] قال أشهب: ومن خطب قبل الصلاة أعادها بعد، فإن لم يفعل فقد أساء وتجزئه.

                                                                                                                                                                                        واختلف في أول من خطب قبل الصلاة، فقال مالك في المبسوط: أول من فعل ذلك عثمان -رضي الله عنه- قال: وإنما فعل ذلك ليدرك الناس الصلاة، والسنة أن تقدم الصلاة، قال: وبذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان صدرا من خلافته، وفي البخاري ومسلم "أن أول من فعل ذلك مروان، فكلمه في ذلك أبو سعيد الخدري وجبذه لما أراد أن يصعد منبرا -صنعه له كثير بن الصلت من طين- ثم قال له أبو سعيد: أين الابتداء بالخطبة؟ فقال له مروان: قد ترك ما تعلم، فقال له أبو سعيد: ما أعلم خير مما لا أعلم" وقال في موضع آخر: "... إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا..." وإنما كان امتناع [ ص: 641 ] الناس من الجلوس; لأنه كان يؤذي في خطبته من لا يحل أذاه، فينصرف الناس؛ لئلا يسمعوا ذلك منه، فقدم الخطبة على الصلاة.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: ولا ينبغي أن يؤتى للصلاة إذا كان يفعل ذلك، ومن قدر أن يأتي بعد فراغ الخطبة للصلاة فحسن. [ ص: 642 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية