باب فيمن سرق من السفينة أو من المسافرين
وإذا لم يقطع ، وهم كأهل الصنيع، ولأنهم يتخالطون في الأماكن وفيما يكون لهم إلا أن يسرق من المواضع التي تغلق وتحاز كالسرير والحبير الخز وما أشبه ذلك فيقطع إذا أبرزه من حرزه، وإن لم يخرجه من السفينة، ومن سرق منها من غيرهم قطع إذا أبرزه عن السفينة. سرق من في السفينة بعضهم من بعض،
ويختلف إذا فعلى قول سرق من أحد المواضع التي تغلق، محمد يقطع إذا أبرزه من حرزه، وإن لم يخرجه من السفينة، وعلى قول لا يقطع حتى يخرجه عنها. سحنون
وإن سرق السفينة نفسها وكانت مرساة في المرسى وحيث السفن قطع وإن انقلبت من المرسى أو كانت مخلاة، لم يقطع . [ ص: 6092 ]
قال محمد: فإن كانت مرساة في غير المرسى إلا أنها قريبة حيث يصلح أن ترسى فيه، قطع .
واختلف إذا أرسيت في غير قرية، فقال إذا نزلوا منزلا فربطوها فيه وذهبوا لحاجتهم ولم يبق منهم أحد فسرقها سارق قطع، وقال ابن القاسم: في كتاب أشهب محمد: لا قطع عليه، وهي بمنزلة الدابة .
يريد: إذا ربطت في موضع لم تعرف به فإنه لا يقطع ولو كان معها من يحرسها في البر قطع سارقها، وإن كانت في غير مرسى معروف وإن كان صاحبها أو الناس فيها فأزالها في ليل قطع إذا كان مرسى معروفا، ولا يقطع إذا لم يكن مرسى; لأن حرزها حينئذ الناس الذين فيها ولم تزل أيديهم عنها فأشبه من سرق دابة وعليها صاحبها وقد نعس عليها فردها عن الطريق فإنه لا يقطع; لأن صاحبها حرزها ولم تزل يده عنها فإذا استيقظ عند إنزاله عنها ثم أخذها بعد ذلك كان الحكم في صفة أخذها حينئذ، هل أخذها غصبا أو على وجه الحرابة؟ وكذلك السفينة ينظر إلى الحال التي أخذها وقت علموا به، فإن أخذها غصبا، عوقب ولم يقطع، وإن أخذها بحرابة، كان الأمر فيه إلى الإمام يقطعه أو يقتله.
وإذا ولم يكن غاب عن متاعه، قطع ، بخلاف السفينة; لأن كل واحد منهم حائز لماله، وإنما للآخر المجاورة من غير مخالطة، وأهل السفينة يخالط بعضهم بعضا ولو تخالط بعض المسافرين في الطعام أو في المجالسة أو في المزاورة فسرق أحدهم حينئذ، لم يقطع. نزل المسافرون منزلا فسرق بعضهم من بعض مع حضور المسروق [ ص: 6093 ] منه،
واختلف إذا لم تكن مخالطة فسرق أحدهم عندما غاب الآخر عن متاعه، أو كان السارق أجنبيا ليس من أهل الرفقة، فقال في المدونة: مالك . إذا وضع المسافر متاعه في خبائه أو خارجا من خبائه وذهب لاستقاء ماء أو لحاجته وترك متاعه قطع سارقه
قال والإبل تكون في مراعيها فلا يقطع سارقها، فإن آواها مراحها قطع سارقها . وقال مالك: إنما الأمر في الخباء، فإن لم يكن خباء، فلا قطع. سحنون:
وقال في كتاب أشهب محمد: إن طرح متاعه قريبا منه أو من خبائه أو من خباء أحد من أصحابه وكان سارقه من غير أهل الخباء، قطع سارقه، وإن طرحه بموضع ضيعه لم يقطع .
وقال محمد بن عبد الحكم: ليس في هذا كله قطع، واتفقوا على أنه إذا لم يكن منزلا نزله، لم يقطع مثل الذي ينزل لقضاء حاجته أو لأخذ ماء والمنهل [ ص: 6094 ] الذي ينزل أمامه. فراعى مالك الموضع وأن يتخذه منزلا كالجرين، فإنه يقطع سارقه، وإن لم يكن عليه غلق ولا حارس فكذلك وابن القاسم إن كان منزلا نزله، وإن لم يكن معه صاحبه ولا كان في خباء، ورأى متاع المسافر يقطع سارقه، أنه لما كان موضعا لا يستقر فيه وإنما يلبث فيه ليلة أو بعض ليلة ويرحل عنه كان كالذي يجمع من الثمار ويجعل في موضع لينقل منه إلى الجرين، فلا قطع فيه إلا أن يكون خباء، فيكون كبيت الإنسان، ورأى سحنون ابن عبد الحكم في جميع ذلك على أنه ليس بحرز لما كان لا يستقر فيه إلا أن يكون معه صاحبه، فإن الإنسان حرز لما كان معه، وإن كان في قفر ولهذا قال إنه إن لم يكن منزلا نزله، لم يقطع لأن المنهل كالمراح والجرين . [ ص: 6095 ] ابن القاسم:
ومن سرق من المحمل قطع كان فيه صاحبه أو لم يكن وهو كالخباء إلا على ما قال محمد بن عبد الحكم، فإنه لا يقطع إلا أن يكون معه صاحبه.
قال ومن سرق من إبلهم المناخة، فعليه القطع، وإن كانت غير معقلة إذا كانت بقرب صاحبها وما كان منها في الرعي، فلا قطع فيه ، وعلى قول مالك: لا يقطع وإن كانت مناخة بقرب متاع صاحبها; لأنه لم يقطع فيما كان من المتاع خارجا عن الخباء، وكذلك الإبل. ومن سحنون وإن سرق البعير نفسه بما عليه أو كان لا شيء عليه، قطع إذا كان في قطار، فإذا حله وصار في يديه قطع، وإن أخرج ميتا من قبر قطع إذا كان ما عليه قيمته ربع دينار فصاعدا . [ ص: 6096 ] سرق ما على بعير وهو في القطار، قطع،