باب في العامل يشتري بمال القراض من نفسه، وكيف إن كان ذلك برضا صاحب المال قبل العمل أو بعده؟ أو يشتري به من صاحب المال أو يبيع رب المال القراض من العامل
ومن "المدونة" قال فيمن مالك قال: لا أحب ذلك; لأني أخاف أن يكون قد استغلاها فيدخل مال الرجل فيها. ابتاع سلعة فقصر ماله عنها، فأخذ قراضا وهو يريد أن يدفعه في بقية ثمن السلعة،
قال فإن انكشف أنه استغلاها قومه حينئذ ورد الزيادة ولا ألتفت إلى ثمنها، وإن ارتفع وصار فيها ربح كبير. وهو موافق لقول ابن حبيب: لأنه أسقط المحاباة وأمضى البيع فيما بعد، ولم يجعله بمنزلة من اشترى بغير وكالة فيفيتها حوالة الأسواق على قوله، وتكون القيمة كالثمن الصحيح، ثم يكون على القراض نقصها وضياعها. مالك;
وقد اختلف في هذا الأصل إذا وكل على الشراء فاشترى من نفسه، فقيل: ذلك جائز.
وقيل: يمنع ويفسخ مع القيام، فإن فات بتغير أسواق مضى وهذا [ ص: 5289 ] حماية، قاله في العتبية. وقيل: البيع غير منعقد. ولو كانت الوكالة على بيع عبد فباعه من نفسه فأعتقه لرد عتقه; لأنه عنده بيع بغير وكالة، وقد مضى هذا الأصل في كتاب الوكالات. ابن القاسم
وقال في مالك لا خير فيه، وأراه بمنزلة من أسلف مائة دينار رجلا فنقدها في سلعة اشتراها ليكون له نصف ربحها، فإن دفع رد المال إلى صاحبه وكان ربحها وضيعتها لمشتريها. رجل ابتاع سلعة ثم أتى إلى رجل فقال له: ادفع إلي مالا أدفعه في ثمنها ويكون قراضا:
وقوله: "سلف" ليس بالبين; لأن السلف دخلا فيه على أن الربح لهما والخسارة من المشتري، وهذان داخلان على أنها تكون للقراض، ربحها وخسارتها، وهو بيع فاسد يمضي للقراض بالقيمة.