الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في العامل يتعدى في القراض الفاسد

                                                                                                                                                                                        وإذا تجر العامل في القراض لنفسه ضمن الخسارة (والتلف) ويفترق الجواب في الربح، فإن كان تجره في الوقت الذي أذن له في حركة المال كان الربح على القراض، وإن كان في وقت لم يؤذن له في حركته، كان الربح للعامل، هذا عقد هذا الباب.

                                                                                                                                                                                        فإن أخذه ليعمل به في البلد في صنف بعينه فتمكن له العمل فيه فاشترى غيره كان الربح على القراض، والقياس أن يكون له الأقل من المسمى أو قراض المثل، فإن كان المسمى أقل لم يكن له سواء للعقد الذي كانا عقداه، وإن كان قراض المثل أقل لم يعط المسمى; لأن رب المال إنما استأجره بذلك الجزء ليعمل في صنف بعينه فلم يعمل فيه.

                                                                                                                                                                                        وإن تجر لنفسه في حين لا يتمكن فيه التجر في ذلك الصنف كان الربح للعامل، وكذلك إن تجر في الصنف المأذون فيه، ثم باعه، ثم اشترى غيره وربح وكان أخذ المال على نضة واحدة كان الربح الثاني للعامل، إلا أن يحبسه عن ربه فيكون له على حكم الغاصب يتجر في مال الغصب.

                                                                                                                                                                                        وإن أخذ القراض ليتجر به في بلد آخر ويبتدئ الشراء من موضعه الآن إن كان الربح للقراض، وإن كان يشتري به من البلد الذي يخرج إليه فاشترى به قبل خروجه ما باعه هناك كان الربح له والوضيعة عليه، وإن كان تجر بعد وصوله وبعد أن تيسر له التجر في [ ص: 5285 ] الصنف الذي سمى له كان الربح للقراض، ويتغير الجزء الذي عقداه حسبما تقدم.

                                                                                                                                                                                        وإن تجر في الصنف الذي أذن له فيه لم يتغير الجزء ; لأنه إنما خالف في النية إلا أن يعدم ذلك الصنف في البلد الذي قدمه، أو وجد سوقه قد تغيرت وصار إلى ألا فائدة في شرائه، وما يعلم أن صاحب المال لا يشتريه بذلك السعر فيكون الربح للعامل.

                                                                                                                                                                                        وإن كان ذلك الصنف موجودا وغلا السعر الذي يشتري به فكتب إليه صاحب المال بأن لا يشتريه، فاشتراه بعد ذلك لنفسه كان الربح للعامل وعليه خسارته. وإن اشتراه لصاحب المال كان الربح للقراض والخسارة على صاحب المال؛ لأنه لم يكن له عزله بعد سفره ووصوله. [ ص: 5286 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية