الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في غياب المكتري عما اكتراه]

                                                                                                                                                                                        وأما إن غاب المكتري، فإن لرب الإبل أن يرفع إلى الحاكم فيكريها في مثل ما أكريت له، ثم لا يخلو أن يكون العقد على مدة معينة أو غير معينة، في الحضر أو في السفر. فإن كانت مدة معينة أكريت في مثل ما اكتريت له، فإن لم يجد ففيما دونها، فإن لم يجد حتى ذهبت تلك المدة قضي للمكري بالكراء ولم يكن عليه شيء.

                                                                                                                                                                                        وإن لم تكن مدة معينة أكريت أيضا في مثل ما أكريت له، فإن لم يجد تربص رجاء أن يجد، فإن لم يجد تربص إلى المدة التي كانت تستعمل فيها لو وجد، فإن لم يكن خلي عنه وقضي له بالكراء.

                                                                                                                                                                                        وإن لم تنقض تلك المدة حتى أمكن كراؤها، نظر في ذلك: فإن كانت معقولة موقوفة لم يكن له إلا بقية تلك المدة، وإن لم يكن حيل بين صاحبها وبينها وكان ينتفع بها في التصرف أو في غيره مما لو كانت في منافع المكتري لم [ ص: 5214 ] تكن عليه- رأيت أن يستأنف إجارتها كلها.

                                                                                                                                                                                        وهذا استحسان لتغليب أحد الضررين. وإن كان الكراء ليسافر بها أكريت ممن يسافر بها في مثل ذلك، فإن لم يجد ففي دونه، فإن لم يجد وكان يرجى ذلك في بعض الطريق ألزم بالخروج بها، وأقام الحاكم من يكري عليه، وإن كان معلوما أنه لا يرجى ذلك، أو كان سفرهم إلى موضع يعلم أنه لا يحتاج مثل ذلك فيه- لم يكن عليه خروج، ثم ينظر، فإن لم يجد من يكريها في الحضر في مثل ذلك، أو يتردد بها في السفر في المواضع القريبة وهو مثل الأول في الأمن والسهولة- أكراها فيه، وإلا خلى عنه، يصنع بها ما أحب، وقضى له بالأجرة.

                                                                                                                                                                                        وإن كان المكري من أهل مكة وأكراها إلى مكة أو من غيرها، والمكري من البلد الذي أكرى إليه، ومعلوم أن المكتري لو أراد إصرافها إلى غير ذلك البلد لم يمكن منه - فلا يلزم بالتخلف، ويقضى له بالكراء، [ ص: 5215 ] ويوكل من يقوم بالكراء؛ لعل ذلك يتفق في المستقبل.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية