فصل [في الثمار إذا دخلت في العقد ثم انهدمت الدار بعد سكنى ستة أشهر]
وإذا دخلت الثمار في العقد؛ لأنها تبع ثم انهدمت الدار بعد سكنى ستة أشهر، فإن كانت الثمرة لم تطب انفسخ البيع فيها، ورجعت إلى البائع، وحط عن [ ص: 5031 ] المكتري ما ينوبها.
وهذا بخلاف الجائحة; لأنها صارت إلى صاحبها فلم يصح أن يأخذها وثمنها. وإن كانت الثمار قد طابت وهي تبع للماضي، مضى فيها البيع للمكتري.
وإن لم تكن تبعا لماضي السكنى، كان فيها قولان، فقال محمد: يفسخ فيها البيع. وقال لا يفسخ، وهي للمكتري. ابن حبيب:
وكذلك في الزرع يشترط مع الأرض ثم تستحق الأرض دون الزرع وقد بدا صلاحه، ففي "المدونة": يفسخ البيع فيه. وفي "كتاب محمد": يمضي البيع فيه. وعلى هذا يجري الجواب فقال في كتاب العيوب: ترد الثمرة. وعلى القول الآخر: يمضي البيع فيها. وأن يمضي كل ذلك أحسن; لأن العقد فيها كان صحيحا وعلى وجه جائز لا يتهمان فيه أن يكون عملا على فساد، ولأن إذا اشترى الثمار مع الأصول وهي مأبورة، فرد الأصول بعيب بعد طيب الثمرة، لموضع الغرر، وهذا إن لم يدخلا على غرر، وقد اشترى بوجه صحيح وانتقلت، وتغير حالها وهي في ضمان المشتري. منع البيع في الثمار قبل بدو صلاحها
وقال لو استحقت الدار إلا مواضع الشجر وقد سكن [ ص: 5032 ] أشهرا، رجعت الثمرة إلى المكتري طابت أو لم تطب، جذت أو لم تجذ، وهو بمنزلة من باع ثمرة قبل أن تطيب حين ضمها إلى ما ليس له. ابن حبيب:
قال الشيخ -رحمه الله-: يفترق الجواب بافتراق الوجه الذي كانت به في يديه، فإن كانت بشراء كان الجواب فيها على ما تقدم في الانهدام; لأن الغلة للمشتري إلى يوم الاستحقاق، وإذا كانت الغلة له كانت الثمرة مضافة إلى سلعة يملكها، وإن كانت الدار بيده بغصب كان الجواب في الثمرة على الخلاف في الغلة، فعلى أحد قولي أن الغلة للغاصب يمضي البيع في الثمرة بمنزلة المشتري. مالك
وعلى قوله: لا غلة للغاصب، تكون قد أضيفت إلى غير ملكه، وإن كانت في يده بميراث وطرأ عليه وارث أقعد منه، كان بمنزلة من أضاف إلى غير ملكه.
وعلى هذين الموضعين يصح قول ابن الحبيب إلا أن يكون المكتري غير عالم فيختلف فيها; لأن العقد يسلم من الفساد ويكون بمنزلة استحقاق الأرض دون الزرع. [ ص: 5033 ]