باب في بيع الصبرة جزافا وعلى الكيل، وهل يجمع الرجلان سلعتيهما في البيع ومن باع على حميل بعينه، أو رهن غائب، أو تزوج أو خالع أو صالح عن دم على مثل ذلك
الأصل في حديث ابن عمر، قال: بيع المكيل جزافا الحديث، وقال: "وكان الصحابة يتبايعون الثمار جزافا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -". أخرجه "كان الناس يتبايعون الطعام جزافا" البخاري ومسلم. يصح ممن اعتاد ذلك؛ لأن الحزر لا يخطئ ممن اعتاد ذلك إلا يسيرا، وإذا كان قوم لم يعتادوا ذلك واعتاده أحدهما، لم يجز؛ لأن الغرر يعظم، ويدخل في النهي عن وبيع الجزاف وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - اعتادوا ذلك، وقد كانوا يبعثون عليهم الخراص إلى الزكاة، ولو أراد رجل أن يبتاع ثمرة قد رآها قبل أن يحزرها أو يكيفها؛ لم يجز، وإذا كان أحد المتبايعين يعرف كيل الصبرة، والآخر يجهل ذلك كان لمن جهل الكيل أن يقوم على من عرف، فإن عرف البائع كان [ ص: 4258 ] المقال للمشتري، وإن عرف المشتري وحده كان المقال للبائع كالعيوب. بيع الغرر،
وقد اختلف فيمن وإذا لم يجعل للبائع في هذه المسألة مقال لم يكن لمن جهل الكيل على من عرفه مقال، بل هو في الصبرة أخف؛ لأنه اشترى على الحزر وعلى ما يرى أنه فيها، والآخر لم يبع على أنه يظن أنها جوهرة، واستحسن أن يكون لبائع الجوهرة مقال بخلاف الصبرة، فإن ابتاع جوهرة بثمن مائة دينار بدرهم، وهو عالم أنها جوهرة والبائع يجهل، هل يمضي البيع أو يكون للبائع مقال؟ كان البيع فاسدا، أو قال الآخر: أبيعك ولا أعلمك ما هي أجوهرة أو خرزة، فالبيع فاسد، وكذلك إن شكا هل هي جوهرة أو خرزة؟ وقالا: نتبايعها على ذلك ولا نسأل أهل المعرفة، فالبيع فاسد، ومن هذا الأصل أن يتبايع الرجلان السلعة وأحدهما يعرف سوقها دون الآخر، فقد اختلف هل يكون لمن جهل السوق على من علمه مقال؟ قال قال البائع: أنا أعرف كيلها ولا أعلمك، فاشتر مني على الجزاف، مالك: قال الشيخ: ولو رآه المشتري، وهو قائم قبل أن يحصد، جاز؛ لأنه قد علم حزره وهو قائم، ولا يعلمه بعد حصاده. ولا يباع القمح في الأندر قبل أن يدرس.