الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في ولاء من أعتقه النصراني من نصراني أو مسلم بتلا أو إلى أجل أو دبره أو كاتب أو أولد

                                                                                                                                                                                        وإذا أعتق النصراني عبدا نصرانيا كان له ولاؤه، ويرثه ويعقل عنه أهل جزيته، وإن مات السيد المعتق قبل ثم مات العبد المعتق كان ميراثه لولد معتقه أو غيره ممن له الولاء عند أهل دينه.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يكن له قريب من أهل دينه، فقال مالك في المدونة: ميراثه لجماعة المسلمين، وقال في كتاب محمد: ميراثه لأهل دينه وأهل جزيته.

                                                                                                                                                                                        وإن أسلم العبد المعتق في حياة سيده لم ينتقل عنه ولاؤه، فإن كان لسيده ولد مسلم أو أخ أو عم أو ابن عم كان ميراثه له، وعقله على قوم سيده إن كان من العرب أو من غيرهم ممن لم ينسب لهم يتعاقلون به، وإن لم يكن لسيده أحد مسلم كان ميراثه لبيت المال وعقله عليه. [ ص: 4105 ]

                                                                                                                                                                                        وإن كان له ولد مسلم أو أخ أو عم أو ابن عم ولا عاقلة له كان ميراثه لمن هو مسلم ممن ذكرنا، وعقل جميعهم على بيت المال، وإن أسلم السيد بعد إسلام العبد المعتق رجع إليه ولاؤه، وكان أحق به دون من كان يرثه لو لم يسلم، وإن أعتق النصراني عبدا مسلما لم يكن له ولاؤه، ولم يجز ذلك لولده -إن كان له ولد مسلم- ولا لغيره، ولم يرجع إليه ولاؤه إن أسلم هو، وهذا قول مالك.

                                                                                                                                                                                        والقياس أن يرجع إليه ولاؤه ويجزئه لولده؛ لأن العتق كالنسب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق" وهذا معتق، وقد قال ابن المواز في مسلم له عبد نصراني وللعبد عبد مسلم فأعتقه بغير علم سيده ولم يعلم حتى أعتق المسلم عبده النصراني، ثم مات العبد المعتق المسلم عن مال، فقال: ميراثه للسيد المسلم الأعلى.

                                                                                                                                                                                        فإذا صح أن يجره إلى السيد الأعلى دون جميع المسلمين صح أن يجره لولده المسلم ويرجع إليه إذا أسلم؛ لأنه قال في عبد أعتق بغير إذن سيده فلم يعلم سيده حتى أعتق العبد الأعلى قال: ولاء العبد الأول للعبد الثاني الذي كان [ ص: 4106 ] أعتقه دون سيده. وإن أعتق المسلم نصرانيا وللسيد قرابة نصارى ورثوه إن مات؛ لأن الولاء كالنسب ووقف فيها محمد.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية