الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [إذا تزوج رجل المكاتبة بإذن سيدها فمات زوجها بعدما ولدت]

                                                                                                                                                                                        وإذا قال رجل لسيد المكاتبة: أنا آخذ المكاتبة واحتل علي بها وزوجنيها ففعل السيد وزوجه واحتال عليه فولدت المكاتبة منه بنتا، فمات الزوج، فقال مالك: الحمالة باطلة، والأمة مكاتبة على حالها وابنتها أمة لا ترث أباها، وقال فضل: الأمة في كتابتها والنكاح فاسد يفسخ قبل، ويثبت بعد إذا كان نكاحها برضاها، وإن كان بغير رضاها فسخ قبل وبعد، ولها صداق المثل في الوجهين جميعا يقاصه بما أدى عنها، فمن له فضل رجع به، فجعل مالك الحوالة ها هنا حمالة؛ لأنها على غير دين، وإنما يقتضي أن للمتحمل له أن يبتدئ بالحميل إذا سماها حوالة، ثم أسقطها؛ لأنها حمالة بجعل وراجعة إلى بيع سلف، فالبيع النكاح، والجعل السلف، وهو يؤدي له بالحمالة ليرجع به عليها، ولا يصح الوفاء به ولا المطالبة به؛ لأن الوفاء بذلك كالوفاء [ ص: 4017 ] بالربا، ويفسد النكاح لما قارنه من السلف، وينبغي أن يكون على الزوج الأكثر من المسمى أو صداق المثل، إلا أن يسقط السيد مقاله في الحمالة فيمضي بالمسمى بمنزلة من أسقط السلف.

                                                                                                                                                                                        واختلف في جبر السيد مكاتبته على النكاح، فعلى القول إن له جبرها يمضي ها هنا النكاح إذا دخل بها، وإن كان بغير رضاها، ولو قال: أعتقها وزوجنيها واحتل علي بكتابتها، فأعتقها السيد لذلك كان العتق ماضيا وهي حرة، ولا يصح إجبارها، والابنة حرة ترث أباها، ولو قال احتل علي وأبرئها، ولم يقل أعتقها، كان الجواب كالأول؛ لأنها حوالة فاسدة، حوالة بما لم يحل وحوالة بجعل، ولا تصح مطالبة الزوج بالحمالة لهذه الوجوه، ولأنه يقول: وإنما رضيت، وإنا نرى أن الزوجة تكون بتلك الحوالة حرة، فإذا لم تصح لها حرية فلا شيء علي. [ ص: 4018 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية