الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا دبر أحد الشريكين وهو معسر هل يمضي تدبيره؟]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا دبر أحد الشريكين وهو معسر : هل يمضي تدبيره؟ واختلف بعد القول إنه يمضي : هل للشريك أن يقوم عليه ؟ واختلف إذا كان له أن يقوم : هل يقوم للتدبير أو للبيع؟ وإذا كان له أن يقوم للبيع هل يباع ذلك النصيب الذي يقوم خاصة ، ويتبعه في الذمة بما عجز من القيمة إن لم يوف الثمن بما قوم عليه ، أو يباع بما يوفي بالقيمة من النصيب المدبر .

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في المستخرجة : اختلف أصحابنا من أهل الحجاز إذا دبر أحد الشريكين وهو معسر ، قال : والذي آخذ به أن تدبيره ليس بشيء إذا لم يرض شريكه; لأن تدبيره عيب أدخله على صاحبه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : يمضي على حاله ، ولا مقاواة فيه ، وأنزله بمنزلة عتق أحد الشريكين وهو معسر ، وقال أيضا : الشريك بالخيار ، فإن رضي أن يقاويه [ ص: 3926 ] على أنه إن وقع على الذي دبر كان مدبرا كله ، واتبعه بذلك دينا أو يتمسك بنصيبه ، قال : ولو قاواه وهو يظن أن له مالا ثم علم أنه لا مال له ، فسخت المقاواة له حتى يقاويه على رضا باتباعه ، قال أصبغ : لا يعجبني ذلك ، وإذا وقعت المقاواة لزمت وبيع عليه منه ، وكان ما بقي مدبرا بمنزلة من دبر ، وعليه دين فيباع منه كله بقدر الدين ، قال : وهذا هو القياس ، وأما الاستحسان فلا يباع إلا بقدر ما حبس عن مبلغ المقاواة ، ويتبع بالباقي دينا .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : أرى أن ينظر إلى التدبير ، فإن لم ينقص من ثمن نصيب الشريك قبل التدبير لم يقوم على المدبر ، وإن نقص نقصا يسيرا اتبعه به في الذمة ولم يبع عنه من نصيب المدبر شيئا; لأن التدبير سبق العيب ، والتدبير أوجبه ، وإن كان العيب كثيرا قوم الشريك نصيبه للبيع ، وإن لم يوف اتبع بالباقي في الذمة; لأن العيب حدث من بعد العتق .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية