الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في عتق النصراني عبده المسلم والنصراني

                                                                                                                                                                                        وإذا أعتق النصراني عبده المسلم لزمه ذلك ; لأنه حكم بين نصراني ومسلم فيجري على حكم الإسلام . فإن أعتق عبده النصراني ثم أسلم العبد ، فإن أسلم بعد أن رجع النصراني عن عتقه ذلك واسترقه لم يلزمه ذلك العتق ، وإن أسلم بعد أن حاز العبد نفسه لم يكن ذلك للسيد ، فإن أسلم قبل أن يرجع عن العتق وقبل أن يحوز نفسه كان فيها قولان : هل يلزمه العتق أم لا؟

                                                                                                                                                                                        والقياس ألا شيء عليه; لأنه لو رجع عنه قبل إسلام العبد كان ذلك له ولم يؤخذ بما عقد له ، وإسلام العبد لا يوجب عليه ذلك العقد ، وكذلك إذا أسلم السيد وحده أو أسلم السيد ثم العبد ، فإن كان ذلك الإسلام بعد أن رجع في العتق لم يلزمه ، وإن كان بعد أن حاز نفسه لزمه .

                                                                                                                                                                                        وإن كان بقرب العتق قبل أن يرجع وقبل أن يحوز العبد نفسه ، كان على الخلاف المتقدم ، وإن حلف بعتق عبده فحنث لم يلزمه عتقه ، وسواء حنث قبل أن يسلم أو بعد; لأن عقود الكفر غير لازمة . وإذا أعتق النصراني ثم امتنع من [ ص: 3840 ] إنفاذ ذلك لم يجبر عليه ولو حوزه لنفسه لم يكن له أن يرجع فيه ، وإن أعتق نصفه وحوزه ذلك لم يستكمل عليه ، وإن كان عبد نصراني بين نصرانيين أعتق أحدهما نصيبه منه ثم امتنع من إنفاذ ذلك لم يجبر عليه ، وإن أنفذ ذلك له لم يكن للشريك أن يستكمل عليه ، وله أن يأخذه بقيمة عيب العتق في نصيبه; لأن ذلك من التظالم .

                                                                                                                                                                                        وقال المغيرة في كتاب ابن سحنون : إذا حلف النصراني بعتق غلامه أو بطلاق زوجته ثم بها ، فرفع الغلام أو الزوجة ذلك إلى السلطان ، أمره بعتق الغلام وبطلاق الزوجة . قال : وإن مات عن أم ولد نصرانية ثم رفعت أمرها واستعدت ، حكم حاكم المسلمين ، وسن بها سنة أمهات أولاد المسلمين .

                                                                                                                                                                                        وحكى عنه إسماعيل القاضي أنه قال : يحد إذا زنى حد البكر . وكل هذا ضعيف ، وقول مالك أحسن ; لأنه إنما يخاطب بفروع الإسلام بعد تقدم الإسلام . [ ص: 3841 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في حربي دخل إلينا بأمان فكاتب عبيدا له أو أعتقهم أو دبرهم ، ثم أراد بيعهم : إن ذلك له .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية