الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في قول الرجل عشرة من عبيدي أحرار]

                                                                                                                                                                                        وإذا قال في صحته : عشرة من عبيدي أحرار ، وهم خمسون ، كان بالخيار في أن يعتق عشرة أيهم شاء ، وقد تقدم ذلك .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أوصى بذلك في مرضه على خمسة أقوال :

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في المدونة : يعتق خمسهم بالسهم ، خرج في ذلك خمسة أو [ ص: 3766 ] خمسة عشر .

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا في المدونة وهو في كتاب ابن حبيب : إن خرج في الخمس أكثر من عشرة أعتقوا ، وإن خرج أقل ضرب بالسهم على الباقين حتى يستكمل عشرة ، ما لم يجاوز ثلث الميت .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد : ذلك واسع أن يعتق منهم بالسهم أو بالحصص ، وقال المغيرة في كتاب ابن سحنون : يعتق خمسهم بالحصص إذا كان العتق من الميت ، وإن أوصى ورثته أن يعتقوا عنه كانوا بالخيار ، أن يعتقوه أيهم شاءوا ، وقال مالك في كتاب ابن حبيب فيمن قال : رأس من رقيقي حر -وهم ثلاثة- يعتق ثلثهم بالسهم . ثم رجع فقال : ما هذا الذي أراد الميت ، وإنما أراد أن يعتق واحدا منهم ، فأرى أن يسهم بينهم ، فإن خرج واحد ، وهو أدنى من ثلثه أعتق ، ولم يعد السهم فيمن بقي ، وإن كان أكثر من ثلث قيمتهم أعتق كله إذا حمله الثلث ، قال مطرف : وبه أقول .

                                                                                                                                                                                        فعلى هذا إذا قال : عشرة ، وهم خمسون ، أعتق منهم تلك التسمية ، وسواء كانت قيمتهم أقل من الخمس أو أكثر إذا حملهم الثلث ، فأعتق في القول الأول خمس قيمتهم; لأنه عدل بين الميت وبين ورثته وبين العبيد; لأنه إن أعتق أعلاهم كان للورثة مقال أن يقولوا : لم يقصدهم الميت ، وللأدنى من [ ص: 3767 ] العبيد أن يقولوا : ليس لكم أن تخصوا الأعلى بالعتق لهم ، وحق جميعنا فيه واحد ، وإن أحب الورثة عتق الأدنى قيل لهم : للميت حق ألا تعطوه شرار ماله ، وللأعلى من العبيد حق أن يقولوا : ما لكم أن تخصوهم بالعتق دوننا ، وإن كان في الأوسط العدد الذي سمى الميت كان للأعلى والأدنى من العبيد مقال ألا يخص بالعتق الأوسط مع تساوي حقهم فيه فكانت القرعة ، وألا يخص بالعتق واحد دون الآخر من حق العبيد ، وأن تكون خمس القيمة عدلا بين الميت وورثته ، فإن مات منهم أربعون أعتق العشرة الباقية ، وسقط مقال الميت والورثة في أعلى وأدنى ، وكذلك العبيد . وإن أسقط الورثة في هذه المسألة مقالهم في الشركة مع حياة جميعهم لم يعتق منهم بالحصص; لأن الميت قال : عشرة ، وإنما أراد عتق تسمية من تلك الجملة بخلاف المسألة الأولى إذا أعتق جميعهم ، ولم يحملهم الثلث ، وأسقط الورثة مقالهم في الشركة أن يعتق من جميعهم بالحصص . وقوله في كتاب ابن حبيب أبين: أنه يعتق عشرة بالقرعة وقعت على الأعلى أو الأدنى ، [ ص: 3768 ] وهو الذي يقتضي قول الميت في قوله : أعتقوا عشرة .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية